د. جاسر الحربش
صارت كتابة الرأي عن جرائم الإرهاب في الداخل ثقيلة الوطأة، ولكن لا يستطيع الكاتب دفعها ويبقى غير مقتنع بفوائدها، بما يتعدى التنفيس وتقاسم الحزن.
مرة أخرى نلدغ من نفس الجحور وللمرة الثانية في المدينة التي قدمت عبر الزمن أفضل مثل للتعايش المختلط المتكافل.
هناك ثعابين كبيرة ومهابة، تطلق علينا صغارها لتلدغنا في الموقع الذي تختاره من جسدنا الوطني.
عقلاء المجتمع السعودي يعرفون أن المواجهة الميدانية تحصل مع فراخ الثعابين، ولكن الرؤوس الكبيرة تستمر في ممارسة أدوارها من خلال الإنجاب والتربية والتدريب على اللدغ.
الثعابين الكبيرة هي التي تلد وتربي وتبرر وتعلم الإرهاب، ثم تبقى بمأمن ليس بسبب آخر غير أنها لا تقوم هي عينياً بالمهمة.
ثعابين الإرهاب الكبيرة تعيش وتتحرك داخل الحاضنة الاجتماعية، في الأحياء والمدارس والجامعات ولها قنواتها الإعلامية الخاصة وندواتها وتجمعاتها التحريضية.
بلغت الجرأة عند بعض ثعابين الإرهاب حدود الاستنكار على وزارة الداخلية، تسمية شهداء الإرهاب في دور العبادة بالشهداء في تغريدات مذيلة أحياناً بأسماء صريحة وأحياناً بكنى يسهل التعرف عليها.
من المحزن والمخزي أن تتحول التعازي والمقالات والتصريحات بعد حوادث الإرهاب إلى روتين في المجالس والبرامج الإعلامية وتفقد من قيمتها الأخلاقية والوطنية مع تكرار كل حادث إرهابي جديد.
التعامل مع الثعابين الصغيرة يقوم بالمهمة السهلة ولكن الأقل فعالية، لأن الثعبان الصغير يخرج من الجحر مستعداً لقتل الناس طلباً لما وعده به الثعبان الأكبر، الشهادة في سبيل الله ومكافأة الآخرة.
هذه الطريقة في التعامل مع الإرهاب لا ولن تكفي طالما استمرت كبار الثعابين تفرخ وتربي وتبرر وتفتي بالجنة والحور العين.. هكذا يصبح التعامل مع الإرهاب مثل التعامل مع تسربات المنزل بطريقة حشو الخرق في الخروق.
ما دامت الثعابين الكبيرة تشعر أنها بمأمن ولها حصانة لن ينتهي مسلسل اللدغات من صغار الثعابين.
مصداقيتنا الوطنية والشرعية وصلت إلى الحدود القصوى أمام العالم الذي يصرخ في وجوهنا طالباً القضاء على مفارخ الإرهاب لتنقرض الفراخ.