د. جاسر الحربش
تتكرر في الدول المستقرة مناسبات وذكريات تختلط فيها أحزان الوداع بأفراح الاستقبال. الأسبوع الماضي مرت علينا نفس المناسبة، ذكرى وداع حزين لملك صالح عادل وذكرى استقبال واستبشار بملك صالح عادل وموفق بعون الله. في هذه المناسبة وصلتني رسالة مصورة شاهدت فيها اثنين من أبناء الملك الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز، يذكران الناس فيها بمحبة الوالد لشعبه وتقديم اهتماماته بالمواطنين على أفراد أسرته، ويطلبان من المشاهد برجاء مؤثر ألا ينسى والدهما من صالح الدعاء. أصابني الوجوم ووقفت دمعة في عيني وغصة في حلقي، فقد كنت أحب ذلك الذي رحل حباً صادقا ً وعن بُعد.لم أقابل في حياتي ملكاً ولا حاكم دولة، ليس لأنني لا أستطيع لو حاولت ذلك، ولكن لكي لا أجد نفسي في موقف أقول فيه ما هو معتاد ومتكرر في مثل هذه المواقف، فليس السامع ولا المتكلم في حاجة لذلك.
أعتقد أن كل مسؤول يغادر الحياة الدنيا يتوقع ما هو ملاقيه، لمعرفته بأن الأعمال بالنيات ومن يعمل صالحا ً فلنفسه، قبل أن يكون للآخرين. الراحل عبد الله بن عبد العزيز لم يَعُد ملكاً في الحياة الدنيا وعاد إلى ملكوت الله الأعلى، بعد أن كان في الحياة الدنيا مالك قلوب وعواطف ببشاشته وبساطته وحكمة ونفاذ رؤيته في التركيز على مستقبل الشباب لصالح الوطن، وبحسن تدبيره للأموال وشجاعته في تخطي الحواجز الاجتماعية بمفاهيمها التقليدية لما هو خطأ وما هو صحيح.
لا داعي لذكر مآثر الراحل عبد الله بن عبد العزيز، فهي كثيرة وقد تم التغني بها من كثيرين إبان حياته، في أحيان كثيرة عن قناعة ورضى، وفي بعضها لحاجات في نفس يعقوب. بعد رحيله أصبح الرجل في عداد المحتاجين إلى الترحم والدعاء بالقبول الحسن عند الله، وقد ذكّر هو شخصيا ً المواطنين بذلك مراراً يوم كان بينهم، راجياً منهم ألا ينسونه من دعائهم الصالح.
اللهم ارحمه واغفر له وأحسن جزاءه، فقد كان حاكماً صالحاً صادق النية، وبعد ما غادر لم يبق له من شيء سوى ذكرى الصلاح وحسن النية، وتلك من صفات الطيبين الكرام.
في الختام أدعو الله لخلفه وأخيه سلمان بن عبد العزيز بالتوفيق وطول العمر، وأن يبارك له في الصحة والأهل والذرية، وأن يبارك للوطن فيه بمستقبل مستقر ومزدهر.