إبراهيم بن سعد الماجد
من الأدعية المأثورة (ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا) وهو جزء من آية كريمة، مما يؤكد بأن من أسباب زوال النعم سفهاء القوم.
في أزمنة مختلفة وأقوام مختلفون كان هناك نماذج سجلها التاريخ في كفر النعمة والعبث بها، وجعلها ميدان للتفاخر، فكانت النتيجة عقاب من الله عم وطم فتحولت هذه المجتمعات إلى مجتمعات فقيرة بالكاد تحصل على قوت يومها أو يشح.
ومن أشهر قصص كفر النعمة ما ذكره الله في كتابه العزيز عن أهل سبأ، وما كانوا فيه من نعيم مقيم، ولكنهم كفروا بنعمة الله عليهم فكان الجزاء بزوالها.
(لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم وأشكر له بلدة طيبة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرب وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل) نعمة كانت مضرب المثل، لم تجد من يشكرها، بل كان العبث هو المسيطر على تصرفات هؤلاء القوم، فكان الجزاء العادل أن نزعها الله وأبدلها بحالة من الفقر والذل والمسكنة.
وفي تاريخنا القريب نماذج من كفر النعمة وما آلت إليه حال هؤلاء من حاجة وفاقة وتكفف للناس.
واليوم ونحن في هذه البلاد نعيش حالة من رغد العيش قد لا تكون مرت على الجزيرة العربية من قبل، يأتي من يعبث بهذه النعم، بأشكال مختلفة من العبث، ففئة من العابثين، هؤلاء المفاخرين بهذه الولائم الكبيرة من نحر للأبل والغنم بأعداد كبيرة جداً ومن ثم رميها في الصحراء أو في حاويات النفايات، مما يخرج عن دائرة الكرم الذي هو مما يتصف به العربي، بل ودعا إليه ديننا الإسلامي الحنيف.
وحتى نتأكد بأن ما يفعله هؤلاء الجهلة لا ينتمي للكرم العربي، لنقرأ قصص كرماء العرب، لم ينقل لنا التاريخ أن هؤلاء الكرماء كانوا ينحرون العشرات من الأبل لضيوفهم، بل نُقل أنه قام فنحر جزوراً لعدد كبير من القوم، ومع ذلك عُد من كرماء العرب، كونه يقوم بالواجب دون إسراف.
ولو نظرنا في حال هؤلاء العابثين بالنعمة لوجدناهم من أشد المقصرين في مد يد العون لقريب محتاج أو لعابر سبيل مستغيث.
عابثون ومفاخرون لا يريدون إلا الظهور أمام الآخرين بأنهم حطموا الرقم في الكرم، وما علموا أنهم حطموا الرقم في الكفر بالنعمة، وأن نظرة المجتمع لهم، نظرة اشمئزاز وسخط.
أبل تنحر وأغنام تذبح وآخر جنون هؤلاء السفهاء سكب دهن العود بدل الماء عند الانتهاء من الطعام!! ونماذج أخرى تنبئ عن عقول سقيمة.
الأخذ على أيدي السفهاء مطلب شرعي، وما ترك قوم الأخذ على أيدي سفائهم إلا عمتهم العقوبة وحل بهم الدمار.
المجتمع ينتظر من مقام وزارة الداخلية الإعلان عن تجريم هؤلاء السفهاء وسن قانون واضح وصريح يحمل العقوبات المغلظة لمن يعبث بالنعمة، ويأتي على رأسها عدم أهلية هذا الشخص ووجوب الحجر والوصاية عليه.
إننا أن لم نأخذ على أيدي سفهائنا ونأطرهم على الحق أطرا، فأننا شركاء لهم في ما يقومون به من عبث وكفر.
إننا نتطلع إلى سرعة تجريم هؤلاء السفهاء قبل أن نندم ولات حين مندم.
والله المستعان.