علي عبدالله المفضي
قد يكتب الشاعر قصيدة اجتماعية, أو وجدانية عادية قد لا تصل إلى الإبداع الذي يحرّض على الانتشار والشهرة, وليس وراءها أيُّ مغزى وينشرها, أو يقولها في جلسة عابرة, وهو لا يتوقّع أن تأخذ من الشهرة أكثر مما تأخذه قصيدة أخرى من قصائده, ويُفاجأ أنَّ الناس قد شُغلوا بها دون غيرها, ووضعوا لها قصة وتفسيراً بعيدين كل البعد عمَّا قصده فيها.
وهنا يُصاب كاتبها بالحيرة والدهشة والتساؤل, لماذا كل هذا الاهتمام؟! ويعيد النظر فيها علّه يجد ما دعا الجمهور إلى النظر إليها بهذا الشكل، وقد يعرضها على أكثر من شاعر ممن يثق بآرائهم وصدقهم معه، ويشاطره الجميع الدهشة، حيث لا تدل أبياتها على ما يجعل الناس يذهبون بها إلى التفسير الخاطئ.
ويحاول الشاعر تتبع مصدر ذلك التفسير للقصيدة ليجد أنه أحد المولعين بتفسير كل ما يقع تحت يده تفسيراً سيئاً على اعتبار أن (المعنى ببطن الشاعر) ويجب إجراء عملية قيصرية للقصيدة والكشف عمَّا يخبئه قائلها خلف السطور, ويختار ما يروق له من تفسير يغلب عليه السوء ليأخذ تفسيره قدراً من الأهمية, ولفت الانتباه إليه بين من يظنون أنه على قدر من المعرفة بالشعر وأسرار الشعراء.