ناصر السهلي
توطئة:
«لم يعد الصامتون.. على قيد الحياة.. لا وقت للصمت»
أصبحت الأحداث تتسارع كتسارع الكلمات والحروف، الصامتون وحدهم يقذفهم التاريخ خارج لعبة الصندوق، لا وقت للصمت، إنه وقت الكلام والقرار، من هنا كان تحرك المملكة في أبرز تحول بعد أن ظلت صامتة لحكمة كانت ترتجيها أو يرعوي الذي في قلبه مرض.
أصبح الإعلام الإيراني تحت سيطرة السلطة العسكرية مظللاً الرأي العام، وأصبح تاريخ الملالي حافلاً بالاضطهاد والتصفية لمن يقول كلمة حق في وجه الظلم الإيراني المستبد، لقد شددت إيران مجدداً إجراءاتها ضد مستخدمي الإنترنت وذلك بقمع المدونين وإصدار أحكام الإعدام في حق النشطاء السياسيين، لقد حكمت محكمة ثورية في طهران على أحد الناشطين على مواقع الإنترنت، كانت التهمة الرئيسة الدعاية ضد النظام وإهانة الزعيم الديني، ورغم الطعن في هذه التهمة من قِبل المدعي العام أصدرت المحكمة الجنائية في طهران سبتمبر عام 2014 حكم الإعدام على المتهم بتهمة إهانة (نبي الإسلام)، هنا تحدث المفارقة العجيبة في التضليل على الرأي العام من قبل إعلام تسيطر عليه السلطتان العسكرية والدينية.
لقد حاربت طهران كل المدونات المعارضة لحكمها وسلطتها والتي لا تتفق مع توجهاتها، حتى تلك التي تأخذ من التندر السياسي والرسم الكاريكاتوري طال أصحابها التنكيل والانتقام والاضطهاد.
في تصريح لوزير الاتصالات الإيراني محمود واعظي يقول «إن الذي يريد استخدام الإنترنت والدخول إليه سيتم قريباً التعرف إليه». هذه الرسالة التي رأت طهران نشرها في الآونة الأخيرة بين أفراد شعبها عبر إجبارهم على الدخول برقم الهوية يؤكد حقيقة ثابتة أن هذه الإجراءات تأتي لمواصلة تغييب الشعب الإيراني عن حقيقة النظام الماكر والذي يقود الدولة إلى غياهب الظلام والرجعية والتخلف.
النظام الإيراني ومنذ سنوات طويلة يضطهد حرية الشعب الإيراني، لذلك تتصدر إيران القائمة بحسب منظمة العفو الدولية في إعدام إيران لأكثر من 850 شخصاً بينهم 8 على الأقل لم يبلغوا السن القانوني، بينما تم في عام 2012 فقط إعدام 269 شخصاً وهو ما يجب أن يثير حفيظة المنظمات الدولية.
إن المتتبع للمشهد الإعلامي الإيراني يدرك ويلاحظ كيف يعيش الصحفيون الإيرانيون بين مطرقة الاضطهاد وسندان الطرد والإبعاد، لقد سارع النظام الإيراني إلى شن حملات اعتقالات واسعة لأصحاب المدونات الإلكترونية ليست المعارضة فحسب بل حتى المطالبة بالإفراج عن معتقلين ومعتقلات.
عندما انتشر خبر اعتقال الصحفيتين الإيرانيتين مرضية رسولي وسهام الدين برغاني، قام أصدقاء وزملاء هاتين الصحفيتين بإنشاء مدونة على الإنترنت نشروا فيها بيانات صحفية ورسائل تضامن وصوراً ومطالبات بالإفراج عن المعتقلات فكان مصيرهم الاعتقال!
الاعتقالات اليوم في إيران أكثر تعسفاً من أي وقت مضى، كانت معظم التهم المنسوبة إلى الإعلاميين الإيرانيين المعتقلين في السجون الإيرانية تتركز على نشر دعايات مناوئة للنظام السياسي وتعريض الأمن القومي للخطر، اتهامات فضفاضة تستخدم عادة لإخماد الأصوات التي لا تريد لإيران أن تعود وتبقى في المربع الأول، حيث يحقق النظام الإيراني مساعيه في تضييق الخناق على الإعلام الناقد، وهو ما يدفع النافذين في السلطة إلى سد منافذ نشر المعلومات وانتشارها حتى لا تؤثر بالتشكيك في سلامة ونزاهة الانتخابات الإيرانية، وحسب منظمة (مراسلون بلا حدود) تم اعتقال 250 صحفياً وإعلامياً إيرانياً، والزج بهم في السجون الإيرانية منذ سنتين فقط.
لقد غادر إيران وبحسب آخر الإحصاءات منذ عام 2009 أكثر من 100 صحفي إيراني عبر حدود تركيا والعراق، هولاء الصحفيون واجهوا مع هذا النظام كل أنواع القهر والظلم، وهم اليوم خارج الحدود وفي أمريكا وأوروبا يقودون حملات إعلامية لكشف حقائق النظام.
الصمت.. أيها الصحفيون زملاء الحرف هو جرثومة الموت فيجب تعرية هذا النظام الفاسد بكل الوسائل الممكنة، ويجب علينا المنافحة عن قضايا وطننا الغالي وأمتنا وشعوبنا العربية والإسلامية أكثر من أي وقت مضى.
لقد رأى هذا النظام الفاسد والمنتهي الصلاحية أن يثير الرأي الإيراني والعام بعدما طبقت المملكة قرارها الشرعي والقضائي بحق زمرة من المخربين والمفسدين في الأرض بعد سنوات طويلة من المحاكمة ومحاولة إقرارهم بما نسب إليهم، كان بمقدور المملكة أن تقبض على الإرهابي الذي أثار حفيظة إيران مقتله ميتاً، لكنها كانت حريصة على القبض عليه حياً لتقديمه لمحاكمة عادلة، وهي حريصة كذلك على القبض على المجرمين والإرهابيين أحياء بهدف التحقيق معهم ومعرفة دوافعهم من جهة وتقديمهم لعدالة قضائية شرعية ومنحهم فرصة الدفاع عما نُسب إليهم شرعاً..
عندما تطال يد العدالة زمرة المفسدين في الأرض، هل ترى أن يصمت مثيرو الفتن؟! لقد عانينا من هذا النظام البائد من عشرات السنين وانكشفت نواياهم الخبيثة في المقدسات الإسلامية، فلمَّا فشلت هذه المساعي حرضوا على تأجيج الفتنة بدعم وزرع الخلايا وإحداث الاضطرابات في مملكة البحرين المسالمة وجر القطيف والعوامية وغيرهما من محافظات المملكة في الجزء الشرقي للدخول في أتون تلك الفتن وخوض غمار المواجهة والقتل والتخريب ضد مقدرات الوطن ورجال الأمن والمواطنين.
لا وقت للصمت.. فمن يصمت سيكتوي لا محالة بنار الفتنة ونار إيران التي لا تتحالف ولا تعتد بصديق ما لم تسيطر على المنطقة، لا وقت للصمت أقولها لوزراء الخارجية في الدول الخليجية، والعربية والإسلامية، فالمركب واحد وعزل هذا النظام الرجعي والمتخلف وإقصاؤها سيصب في صالح تلك الدول وستنعم باستقرار أكبر في قادم الأيام.