جاسر عبدالعزيز الجاسر
أدانت جميع الدول العربية الاعتداءات الإيرانية، ووقف العرب صفاً واحداً في مواجهة التدخُّل السافر للنظام الإيراني في الشؤون الداخلية للدول العربية، وتضامنوا جميعاً مع المملكة العربية السعودية إزاء العدوان الطائفي والإرهابي على بعثاتها الدبلوماسية في طهران ومشهد.
هذا الموقف المنتظر والمتوقع من جميع الدول العربية، لأن ما أصاب الدول العربية في الخليج العربي وما تعرضت له المملكة من عبث واستهتار وإرهاب إيراني سيصيب العرب جميعاً ما لم يتكاتفوا جميعاً في صدّه خصوصاً أن الكثير منهم قد عانى ولا يزال من تدخلات وعبث نظام ملالي إيران، ومنهم على الأخص لبنان.. لبنان الدولة والشعب الذي خرج على الإجماع العربي بعد امتناع وزير خارجية لبنان جبران باسيل عن التصويت على قرار الإجماع العربي ضد التدخل الإيراني في الشؤون العربية.
موقف باسيل يجعلنا، ويدفع كل العرب بما فيهم نسبة كبيرة من اللبنانيين نتساءل عن الجبهة التي كان يمثِّلها باسيل في ذلك الاجتماع الجامع لكل العرب، هل كان يمثّل سيده ميشيل عون، أم حليفه حسن نصر الله، وهل زوّد بتعليمات بتحصين دور إيران وما يقوم به عملاء ملالي إيران في لبنان وسوريا، أم أنه كان فعلاً وزيراً لخارجية كل لبنان؟.. وإذا كان هو كذلك وحسب زعمه بأنه يعكس موقف مصلحة لبنان العليا في الحفاظ على استقرار المنطقة، والحفاظ على وحدته الداخلية كأولوية قصوى للحفاظ على استقراره الداخلي، متناسياً أن مشاركة حزب لبناني مشارك في الحكومة ويستقوي عليها بما يمتلكه من أسلحة ومن تحصين لجرائمه من قِبل حلفائه السياسيين وحزب باسيل منهم، ليغطي على دوره في جرائم قتل الشعب السوري، وتنفيذ تدخلات نظام ملالي إيران التي حوّلت لبنان إلى دولة فاشلة خارجة عن الإجماع العربي.
جبران باسيل الذي مثّل جزءاً من اللبنانيين في اجتماع القاهرة، وبالتحديد تيار عون وحزب حسن نصر الله عليه وعلى من لقنوه ما فعله في اجتماع القاهرة، أن يدفعوا ثمن ما قام به، فالمقربون منه يُؤكدون أنه فعل ذلك دفاعاً عن حزب حسن نصر الله ومحاسبته عن دوره الإجرامي في سوريا، وقيامه بتدريب الإرهابيين وإرسالهم إلى دول الخليج العربية، ومع أن التّذرُّع بذكر تدخُّل حزب حسن نصر الله في البحرين في البيان الختامي لوزراء الخارجية العرب، لا يُبرر التهرُّب من الإجماع العربي حيال مسألة أساسية تتناول التدخل الإيراني في الشؤون العربية، والتي تساعد لبنان أولاً في تخليصه من «الاستعمار الإيراني» ما هو إلا تذرُّع مبتور لا يتطابق مع مفهوم تقديم المصلحة الوطنية اللبنانية على الإجماع العربي، بل هو تهديد للمصلحة الوطنية، فجبران باسيل وتياره الذي يرأسه والد زوجته يعلمون أن الدول الخليجية العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، سوف ترى وتفهم من موقفه أن لبنان اتخذ موقفاً عدائياً ضد مصالحها، وهي الدول التي وقفت ولا تزال مع لبنان وشعب لبنان، وإذا كان يعتقد أن موقفه سوف يمر مرور الكرام فهو ومن دفعوه إلى ذلك واهمون وهم مخطئون، فالمملكة ودول الخليج العربية لها الحق في مواجهة هذا الموقف «الرسمي» بإجراءات مضادة كالذي يتخذ ضد نظام ملالي إيران إذ إن أذرعته الإرهابية والسياسية، ومنهم جماعة باسيل وحسن نصر الله يجب أن يُعاملوا بنفس معاملة من يُدافعون عنه، فلا يُقبل أن ندعم لبنان بالأموال وإيداع مليارات الدولارات في البنك المركزي اللبناني لدعم اقتصاده الذي يخدم عملاء إيران، ونساهم في تقوية جيشه بشراء أسلحة بمليارات اليوروات وتقديم التسهيلات لمواطنيه وتمكينهم من العمل في دول الخليج والسعودية، وهم الذين يقدمون التبرعات لأعوان إيران، إذ إن استمرار كل ذلك هو دعم وتقوية لأعدائنا، وما فعله باسيل في القاهرة يضع لبنان في خانة الأعداء حتى يصلح شعب لبنان عبث عملاء إيران في بلادهم.