د. عبدالرحمن الشلاش
عندما وصفت أمريكا في مرحلة سابقة إيران بأنها إحدى دول محور الشر الثلاث في العالم بسبب سياساتها العدوانية، ودعمها للتخريب والجماعات الإرهابية، وزجها لأتباعها في المظاهرات، وغير ذلك من الأعمال المهددة للسلام العالمي، ربما عدَّ البعض في هذا الوصف ضرباً من ضروب المبالغة والتفخيم، أو التجني! لكن الأحداث المتوالية والسريعة أثبتت صحة هذا الوصف ودقته؛ فإيران تجاوزت كل الحدود، وضربت بعلاقاتها مع الدول المجاورة عرض الحائط، وسمحت لنفسها بالتدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول، واستمرت إلى اليوم في التأليب والتحريض وزرع العملاء في كل مكان للتجسس وتنفيذ الأعمال الإرهابية في دول الخليج العربي.
إيران كتلة من الشر النابع من الحقد الدفين، دفعها في مراحل متوالية من تاريخ الملالي الأسود لمقابلة الإحسان بالإساءة، والصبر والتحمُّل بالأذية، وبصور ترفضها كل الأعراف والمواثيق الدولية. تاريخ أسود للدولة الفارسية الصفوية بتدخلات تحت ذرائع واهية.. فمن تدخلاتها في العراق، إلى تحريضها لشيعة البحرين للثورة على حكومتهم، ودعمها للانقلابيين الحوثيين في اليمن. أما حكايتها مع حزب الله وحسن زميرة في لبنان فنموذج للعمالة والتبعية المخزية والتدخل في الشؤون الداخلية لدولة مستقلة بواسطة حزب إرهابي بشع، ورّط شيعة لبنان المغلوبين على أمرهم في الحرب السورية ودعم المجرم بشار؛ لتكون النتيجة قتل الكثيرين منهم في حرب لا ناقة لهم فيها ولا جمل.
إيران حرَّكت المواطنين الشيعة في أكثر من بلد، ثم تخلت عنهم، وتركتهم يواجهون أقدارهم بعد أن ساقت لهم الوعود الوهمية، وهي بذلك تمثل دور الشيطان؛ فلا غرابة أن لا تجد دولة المجوس رداً على القصاص من نمر النمر سوى تخريب مقر السفارة السعودية في طهران في تصرُّف همجي أحمق، يدل على أنها دولة تسعى للأذية والتخريب حتى ولو كان هذا على حساب القيم والأعراف. تحرك الهمج من قوات الباسيج أو ما يسمون في إيران بقوات التعبئة الشعبية التابعة للحرس الثوري؛ ليمارسوا كل ألون العنف والتخريب، وهي المهام التي يمارسونها إذا ما صدرت لهم الأوامر!
إذا ما استعرضنا التاريخ الأسود لحكومة الملالي في علاقاتهم مع المملكة سنجده تاريخاً مرصعاً بكل أنواع الأذى، والتعدي، والتجاوز، والتدخل فيما لا يعنيهم تحت غطاء حرصهم على الشيعة، بينما الواقع يقول إن الشيعة العرب - ومنهم شيعة السعودية - آخر اهتمامات طهران، وأن ما يحركهم - حقيقة - أطماعُهم السياسية بعيدة المدى للسيطرة ومد النفوذ لتحقيق أحلام الصفويين، وإعادة بناء الدولة الفارسية البائدة. لعلنا ما زلنا نتذكر ما تثيره إيران أثناء فريضة الحج لإفساد هذه الشعيرة بهتافات سياسية ومظاهرات جماعية. وقد حدث أكثر من مرة أن دعمت إيران جماعات إرهابية داخل المملكة، وقامت بتحريكها لعملائها من الشيعة ضد وطنهم. وكشفت المملكة العام الماضي خلية تجسسية لصالح إيران، وهي خلية كبيرة، يدل وجودها على مخططات دولة الفرس بعيدة المدى، وتدخلها في شؤون دولة مستقلة. أيضاً لا ننسى ما تلاقيه الوفود السعودية عند ذهابها هناك، خاصة الفرق الرياضية، وتحويل المباريات بين أبناء البلدين لهتافات مسيئة ومرفوضة.
إيران دولة شر، وجاء القرار التاريخي بقطع العلاقات معها في الوقت المناسب، بعد أن طفح الكيل، ولم يعد هناك متسع لتحمُّل تصرفاتها.