د. عبدالرحمن الشلاش
لم أجد مدخلا لهذا الموضوع أنسب مما طرحه معالي الدكتور أحمد العيسى وزير التعليم المعين حديثا عبر مقالة له بعنوان «لماذا نطالب باستقلالية الجامعات السعودية؟» نشرت في صحيفة الحياة في 18-11-2013م. في هذه المقالة اتفق الدكتور العيسى مع كل المطالبين باستقلالية الجامعات وقال: «بأنه قد طالب في أكثر من مناسبة بتغيير نظام التعليم العالي والجامعات الحالي والذي صدر عام 1414هـ الموافق 1994م بنظام جديد يمنح الجامعات حكومية كانت أم أهلية استقلالية حقيقية عن كل السلطات خارج الجامعة حتى تتمكن من بناء منظومتها الأكاديمية والإدارية وفق ما تمليه عليها الخبرة والمعرفة والمهارة القيادية لدى النخبة الأكاديمية داخل الجامعة».
يرى معاليه أن النظام الحالي يقيد الجامعات ويمنعها من الانطلاق نحو بناء شخصيتها وقدراتها الذاتية، ويقيدها من أن تقوم بدورها المأمول في قيادة التنمية الشاملة من خلال تأهيل القوى البشرية والبحث العلمي ومن خلال دورها العلمي والثقافي والتنويري.
أتفق مع معاليه في جزء كبير من طرحه خاصة وأن التطور الحاصل حالياً يصب في النواحي الكمية دون أن يلمس الجوانب النوعية بعمق وخاصة جودة المقررات ومستوى التدريس ومستوى البحث العلمي.
ما زالت الجامعات تخضع للوائح الموحدة، وهي لوائح تغفل الفروق بين الجامعات، وظروف كل جامعة، لذلك حدت كثيرا من تواصل عمليات البناء النوعي لكل جامعة فالقرارات تفرض من السلطة المركزية في وقت تحتاج فيه الجامعات لفرص ثمينة لاستجماع القوى والانطلاق بقوة نحو آفاق الإبداع، وربما حان الوقت حاليا وقد تسنم الدكتور العيسى سدة وزارة التعليم لتتحقق رؤيته الرائعة على أرض الواقع، وهي رؤية كثير من الطامحين لمستقبل مشرق للتعليم الجامعي حيث تدار الجامعة من خلال مجالسها إداريا وماليا وأكاديميا، فمجلس الأمناء الذي يتوقع أن يضم صفوة من الأكاديميين من داخل وخارج الجامعة وممثلين من وزارة التعليم كفيل بأن يضع استراتيجياتها وخططها ونظامها ولوائحها إذ لا يعقل أن تسير أكثر من ثلاثين جامعة وفق لائحة موحدة تفرض عليها وتكبل حركتها، حتى أن الجامعات تعاني من أمور شكلية يمكنها حلها ومع ذلك لا بد من تدخل وزارة التعليم لايجاد الحلول عدا تدخلات في القبول وتعيين أعضاء هيئة التدريس، وإنشاء الكليات والأقسام أو إلغائها وهي شئون يجب أن تكون من صلاحيات الجامعات، وإلا فما هو دور مجالس الأقسام والكليات؟ قد يكون هناك تحفظات على الجامعات الجديدة، لكن وجود شروط موضوعة لا بد لأي جامعة الوفاء بها للحصول على الاستقلالية التي ستريح وزارة التعليم وتجعلها تتفرغ لمسئوليات أخرى هو الحل الناجع.
أعتقد أن التعليم الجامعي الأهلي أيضا تعليم واعد وجد ليكون رافدا قويا للجامعات الحكومية بقبول أكبر عدد من خريجي التعليم الثانوي بالنسبة للبكالوريوس، وخريجي التعليم الجامعي بالنسبة للماجستير وهذا التعليم بحاجة ماسة للدعم الحكومي وبدون هذا الدعم لن يتمكن من تقديم تعليم نوعي مميز، والدعم المطلوب إما على هيئة ميزانيات تساعد على تخفيض الرسوم، أو الدعم بمنح داخلية للطلاب فالغالبية العظمى منهم غير قادرين على دفع الرسوم.
الجامعات الأهلية والحكومية في مفترق طرق فهل يتبنى الوزير الجديد مشروع قرار يضعها في الطريق الصحيح ؟