محمد أبا الخيل
أعلن معالي وزير الخارجية عادل الجبير يوم الأحد الماضي قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة إيران بعد طول صبر واحتمال لأذى هذه الدولة العدوانية، هذه الدولة التي لم تفتأ تكيد للمملكة بخبث وسوء طوية منذ أن استولى الملالي على السلطة فيها، مع أن سالفهم الشاه لم يكن حميم العلاقة أيضاً؛ فإيران منذ دولة القاجار التي دامت خلال الفترة (1794م - 1925م) اعتمدت منهج التوسع والاعتداء على الجيران، والكيد لهم، وزرع الفتن بينهم، ثم أتت الدولة البهلوية الشهانشاهية، وورثت التراث القجاري العدائي تجاه العرب؛ فاحتلت دولة الأحواز العربية، والجزر الإماراتية، وهمت باحتلال البحرين عندما عزمت بريطانيا على الرحيل عنها كدولة انتداب. وبعد ثورة الملالي أصبح العداء الإيراني سافراً لكل ما هو عربي، وتمثل في مشاغبات ومؤامرات، استهدفت المملكة على وجه الخصوص.
إن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران هو قرار حكيم، أتى بعد نفاد صبرنا على أذى وعدوانية هذه الدولة، فلو أردنا وضع علاقاتنا مع إيران في كشف حساب المصالح والأضرار لوجدنا أن الأضرار التي جنيناها من العلاقة مع إيران كانت أكبر بكثير من أي مصالح، بل لا مصالح ترجى من العلاقة مع جار سيئ الطبع والطبيعة؛ فإيران لم تترك إثماً إلا واقترفته في علاقتها مع المملكة.. شنت الحرب على العراق في بداية الثمانينيات؛ لتعبر من خلاله للمشرق العربي، وحاولت إيران جر المملكة لمواجهة عسكرية حين اخترقت 3 طائرات إيرانية من طراز (F4) أجواء المملكة في عملية استفزازية، وقد تصدت لها الطائرات السعودية، وأسقطت طائرتين، وأصابت الثالثة بضرر. وسعت إيران مرات عدة لإفساد موسم الحج، بل إنها تآمرت في مرات عدة، وكوّنت عصابات تسبَّبت في حوادث مميتة للحجاج، أحدها كان كارثة نفق المعيصم في حج عام (1410هـ)، وقبل ذلك في حج عام (1407) إذ هجم بعض الحجاج الإيرانيون - ومعظمهم منتمون للحرس الثوري - على رجال الأمن بمكة، وكادت تكون كارثة لولا تصدي رجال الأمن لهم. وفي العام نفسه كشفت أجهزة الأمن السعودية مؤامرة خططتها إيران بواسطة (16) كويتياً، ممن باعوا ضمائرهم للشيطان الإيراني؛ إذ كانوا ينوون تفجير المشاعر والمسجد الحرام، ثم ما حدث من تدافع في الحج الماضي الذي تشير كل الدلائل إلى أن الإيرانيين كانوا خلفه. ولم تكتفِ إيران كدولة بالمؤامرات على تنظيم الحج، بل خططت ونفذت من خلال عصابة جندتها لتفجيرات الخبر، التي ذهب ضحيتها (19) قتيلاً. ولم تنتهِ مؤامرات إيران رغم كشفها لهم وتوبيخهم، بل تعدت للتآمر في عملية دنيئة، أرادوا بها اغتيال وزير الخارجية عادل الجبير عندما كان سفيراً للمملكة لدى الولايات المتحدة الأمريكية.
بعد أن تمكنت إيران من التحكم بالإرادة السياسية في العراق أسست حزب الله العراقي، وجيش المختار، وجعلت عليه المتطرف (واثق البطاط)، الذي قصف الحدود السعودية منذ ثلاث سنوات بمدافع الهاون. ودربت وسلحت مليشيات الحوثي في اليمن، التي اعتدت على القرى السعودية المتاخمة للحدود اليمنية عام (1430هـ). وما زالت إيران تدفع بكل متهور للإضرار بالمملكة، ولولا يقظة رجال الأمن والمباحث السعودية لعانينا من مؤامرات إيران أكثر؛ فكثير من تلك المؤامرات تكشفت وأُحبطت بفضل الله.
إيران دولة مضرة لجيرانها العرب خصوصاً، وهي - بلا شك - دولة عداء، ودولة نزاع وقلق، ولا سبيل للتعامل معها إلا بالحزم والشدة، وقطع العلاقات الدبلوماسية يجب أن يتبعه قطع لكل مصلحة لإيران لدينا. ونهيب بالإخوة في الخليج العربي خصوصاً، والعرب عامة، أن يقطعوا صلاتهم بهذه الدولة الشقية.