محمد أبا الخيل
منذ أيام أصبحت مفردة ( التحوّل) على كل لسان في المنتديات السعودية الاجتماعية والإلكترونية، فبعد الإعلان عن (مشروع التحوّل الوطني) و ما صاحب ذلك من زخم إعلامي حول ورش العمل التي نظمها مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية واشترك فيها عدد كبير من ذوي الاهتمام، أصبح هناك من يسأل. ماهو التحول؟ وماذا يعني؟، وما المتحول عنه وله؟، وكيف سيكون التحول؟، هذه الأسئلة وكثير غيرها سوف تجد الإجابات في المستقبل القريب بعد أن يعلن عن البرنامج بصورة واسعة و مفصلة، في هذا المقال سوف أتطرق لتعريف (التحوّل المؤسسي) كمنهج واختلافه عن (التغيير المؤسسي)، ومع أن كليهما يعبر عن انتقال من حال إلى حال أخرى، إلا أن هناك اختلافا في ديناميكية المنهج، فـ(التغيير) يحمل مضمون قسري حيث تصبح المنظمة تحت تأثير سلطة مباشرة للانتقال من حال إلى حال أخرى ضمن أطر وأجندة موضوعية وزمنية غير مرنة في المعتاد، مما يجعل التغيير عرضة للمقاومة وبالتالي فشل عملية الانتقال من الحال المتروك للحال المرغوب بصورة قد تعرض المنظمة للارتباك والتفكك، في حين أن (التحوّل) يحمل مضمون الإرادة الذاتية للمنظمة في الانتقال من حال لحال أخرى وضمن أطر وأجندة مرنة، لذا يتم تفادي المقاومة وخلق دافعية ذاتية لعناصر المنظمة لذلك التحول.
منذ ظهور الكتاب المشهور لتوم بيترز وروبرت واترمان ( البحث عن التميز) في بداية الثمانينات، أطلق هذا الكتاب رغبة جارفة للشركات الأمريكية خصوصا والعالمية عموماً للبحث عن التميز في الأداء، وصاحب ذلك معاناة تلك الشركات من المنافسة اليابانية، وتوجه الحكومة الأمريكية لتحرير القيود التنظيمية لكثير من القطاعات الاقتصادية، مما خلق منافسة شرسة بين الشركات الأمريكية أودت ببعضها، لذا برزت عدة مناهج لتحقيق التميز وكلها كانت تحمل مضمون التغيير، وإعتماد كبير على تقنية المعلومات و(الأتمتة) كوسيلة لذلك، ولكن بروز ظاهرة مقاومة التغيير جعلت كثيرا من مفكري الإدارة يبحث عن طريقة تجنب المنظمة خطر المقاومة الداخية للتغيير، وبات الحديث يكثر حول ضرورة أن يكون التغير من داخل المنظمة لا أن يكون مفروضاً عليها، وفي عام (1996) ظهر كتاب جون كوتر(John Kotter) الشهير قيادة التغيير(leading Change) حيث وضع (8) خطوات لضمان التغيير من داخل المنظمة، وبعد ذلك بات يطلق على هذه الخطوات (نموذج كوتر للتحوّل المؤسسي)، ثم توالى بعد ذلك ظهور كثير من المنهجيات في التحّول، ولكن كان هناك دائماً جدال عن عناصر المنظمة الجديرة بالتحًول أو التي تقود عملية التحول بصورة متوازنة ومتجانسة في المنظمة، وفي هذه الخصوص اشتهر نموذج مكنزي المعروف بـ(McKinsey 7S Framework) والذي تم تطويره من قبل بيترز وواترمان عندما كانا يعملان لدى مكنزي واليوم بات (التحّول المؤسسي) ينال مزيدا من الإضافات الفكرية والأدوات التطبيقة والبرامج المساعدة، وبات التفكير الذي يشغل كثير من قيادات منظمات اليوم هو الإجابة على السؤال الملح ( ماذا بحد التحوّل؟)، لذا تزايد الحديث حول آلية استدامة التحوّل وجعل التحول ديناميكية تستتجيب للمتغيرات بصورة آنية، ومستدامة، فعكفت كثير من شركات تقنية المعلومات وخصوصاً تلك المنتجة لبرامج تخطيط الموارد المؤسسية (ERP/GRP) لتضّمن برامجها آلية تيسر ديناميكية التحول وتوفر معلومات تحليلية لواقع المنظمة و شفافية في تلك المعلومات داخل النظام.
التحوّل المؤسسي هو عملية تطبيقية لخطط استراتيجية أعدت بناء على تحليل واعي للبيئة والقدرات و التحديات، لذا يفترض وضوح الرؤيا وشيوعها وقبولها والالتزام بها من جميع العاملين بالمنظمة وخصوصاً ذوي المهام القيادية فيها، والرؤيا الإستراتيجية تختلف عن الرؤيا التطلعية، فالأخيرة تمثل حلما وتطلعا وأملا يجذب النفس فيستثيرها للجهد في سبيل تحقيقها، في حين أن الرؤيا الإستراتيجية تمثل هدفا واضح المعالم قابلا للتحقيق خلال فترة زمنية متوسطة المدى.