فاطمة العتيبي
حتماً وُجِّه لك السؤال يوماً
ثمة من وقف أمامك وسألك: من أنت؟
هل تصمت، مثل جبران حين قال:
« ما اخترتُ الصَّمت جواباً إلاَّ لمَن سألَني: «من أنتَ؟»
أم تراك تقول مثل سحيم بن وثيل، شاعر تميم المفوه الذي استعان بقوله الحجاج وهو يخطب في أهل العراق: أنا ابن جلا وطلاع الثنايا
متى أضع العمامة تعرفوني
أم تراك تذهب عن هذا وذاك فتعيد البصر كرتين، وتتأمل وتسأل حقاً:
من أنا ؟
عرف المتنبي نفسه فأشغل الناس:
أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الناس جرَّاها ويختصمُ!
فهل معرفة الإنسان بنفسه وتأطيرها في وصف محدد هو أمر في متناول اليد ؟
يقال «لن تعرف نفسك إلا في حالتين: إحداهما الحزن العظيم، وثانيتهما الفرح الكبير»
حين تخوض تجربة الحزن العظيم تتلظى في أوارها تنصهر، يعيد الحزن تفكيكك وبناءك مجددا، يجعلك الحزن مثل أحفورة أثرية قديمة وثمينة يعاد تشكيلها في أفران عظيمة، يخرج أسوأ ما فيها ويبقي أجمل ما يمكن أن يبقى لإنسان على وجه الأرض!
هل تعرف نفسك بعد أن تخلق من جديد؟!
هل يمكنك أن تحتمل كم الصفاء الذهني والصدق والضوء الذي ينبعث في داخلك حين تتبدى أمام نفسك، كأصدق ما تكون، كأطهر ما تكون، كأجمل ما تمنحك إياه تجربة الحزن العظيم!