عبد العزيز بن علي الدغيثر
بصراحة خيّبت قمة الرياض الخميس الماضي بين فريقي النصر والهلال آمال جميع عشاق المستديرة بمختلف ميولهم.. نعم لقد خيّبت وأحبطت أمل كل من كان ينتظر القمة التي دائما ما تكون مثيرة ومتميزة وممتعة، بغض النظر عن مستوى أي من الفريقين أو مركزه أو حتى ابتعاده عن المنافسة.. لقد عاصرنا ديربيات عدة للعملاقين عبر أعوام كثيرة ومناسبات عدة، ولم أشاهد أسوأ من ديربي الخميس الماضي فلا طعم ولا رائحة ولا متعة وكأنك تأكل وجبة ناشفة خالية من الملح والزيت وبدون بهارات.
هذه باختصار ما كانت عليه قمة الكرة السعودية والمتمثلة في النصر والهلال، رغم أن الأجواء كانت رائعة من جميع النواحي باستثناء الحضور الجماهيري الضعيف وعلى غير العادة وبالفعل كان الحضور صادما وغير متوقع، ولكن أعتقد أن حس الجماهير وثقافتهم الرياضية المتطورة قد حجبت حضورهم ومنعتهم من عناء الذهاب والمشقة وإضاعة الوقت ليشاهدوا لقاء أشبه بلقاءات فرق من الدرجة الثانية إن لم يكون أقل، وهذا ما شاهدته وشاهده جميع من كان ينتظر الديربي، ولكن شاهدنا لاعبين من الفريقين بأعدادهم الكاملة بدون أي هوية أو متعة، بل كانوا جميعا سارحين خارج اللقاء وشاردي الفكر، حتى المدربان كانا أقل حماسا وتوجيها للاعبيهم، وإذا كان الهلال قد كسب اللقاء وهو الذي كان أحرص من زميله النصر لمواصلة المنافسة على اللقب، بينما تشاهد أن لاعبي النصر بدون أي طموح، رغم أنهم كانوا الأفضل في البداية، ولكن مدربهم خذلهم وساعد جارهم الهلال بكسب اللقاء بكل صعوبة، وعلى غير العادة ظهر لاعبو الهلال وكأنهم في نزهة غائبين وغير مبالين بالاستمرار في الصراع مع الأهلي على درع الدوري، وإذا ما استمر حال الفريقين على هذا الوضع فأستطيع أن أقول إن المتعة الكروية قد تلاشت وذهبت وقد لا تعود قريبا وتتحول لقاءات الفريقين إلى مباريات هزيلة وعادية وفقيرة، ويصبح العنوان الأبرز (زمان كان فيه ديربي) في ظل شح المواهب التي كانت تمتع في الزمن الذهبي الجميل، زمن الحب والعطاء والإخلاص وليس زمن المال والمصالح وغياب الفكر وانحصاره باسم الاحتراف الوهمي والناقص، بمباركة من لا يعرف معناه كما يجب.
الأندية طفرانة وبطرانة
ما يحدث في منظومة العمل في الأندية السعودية، خاصة الشق المالي، أمر محير، بل يصل إلى درجة الجنون إذا صح التعبير، فجميع الأندية تعيش (قحطا) ماليا غير مسبوق، بل أزمة أشبه بحالة الإفلاس، وهذا يبدو واضحا وجليا، فمعظم الأندية تستنجد وتتوسل وتبحث عن أي تمويل أو هبة (شرهة) تمشي بها أمورها، بل إن الكبيرة منها والأكثر جماهيرية تعمل على كسب ود البنوك لتحصل على قروض بكفالة من الرئاسة، ولكن لن تحصل لعدم وجود الثقة بل انعدامها ومع كل ما سبق ذكره وسرده نجد أن هذه الإدارات (الطفرانة) تتحدث عن إمكانية استبدال وإحلال في صفوف فرقها واستقطاب عناصر جديدة!
أسألكم بالله: أين تجد تفسيرا لما يحدث؟ أتعلمون يا سادة أن هناك عاملين في أندية لم يستلموا مرتباتهم لمدة عامين؟ أين يحدث ذلك ومن يصدقه؟ ومع ذلك نبحث عن تسجيل جديد في الفترة الشتوية لا أجد تفسيرا منطقيا لما يحدث، ولو أحضرت أفضل ما في الكون من أخصائيين في الاقتصاد والشؤون المالية فلن يستطيعوا تفسيرا وتحليلا لما يحدث، فهل أصبح الأمر سيان في تراكم الديون وعدم صرف المستحقات وعدم الاهتمام والمبالاة في حقوق البشر؟!.. نعم هذا ما هو حاصل تماما حتى ولو حاول من حاول بتخفيف وتقليل من الأزمة بل الكارثة التي كانت متوقعة وسبق أن حذرت منها في مناسبات عدة، بل إنني علقت الجرس من خلال هذا المقال عندما ذكرت قيمة المبلغ الذي صدم كل من اطلع عليه، واليوم لن ينفع الندم بعد أن طاح الفأس في قمة الرأس.
نقاط للتأمل
- في قمة الرياض كارلوس إدواردو من الهلال وعبدالعزيز الجبرين من النصر والباقي صفر على الشمال، فجميعهم حركة بدون بركة، وخربطة لو اتفقوا على عملها لما أجادوا، ولكن هذا نهاية الدلال والضعف في عمل الأندية.
- لا أعتقد أن النصر سيجد في يوم من الأيام الهلال بهذا الضعف والتوهان وخربطة مدرب وعدم تماسك في الخطوط، ولكن فوز الهلال بهذا المستوى الباهت هو صك مختوم على تدهور النصر وانهياره وعودته إلى الوضع القديم مع الأسف.
- للمرة الألف نكررها ونعيدها أن استمرار حسين عبدالغني لا يصب في مصلحة النصر، فقد فقدَ كل شيء عمله سابقا وأصبح عنوان تواجده الانفلات والاحتكاكات المرفوضة، وقد يطمس تاريخه الطويل بتصرفاته الصبيانية التي أصبحت متواجدة ومرتبطة بوجوده في كل لقاء يكون هو حاضرا من خلاله.
- فوّت اللاعب حسين عبدالغني فرصة ذهبية لن تتكرر لمغادرة المستطيل الأخضر وإعلان الاعتزال فبعد أن حقق فريقه بطولة الدوري للمرة الثانية وبطولة كأس سمو ولي العهد كانت فرصة سانحة وتوقيتا أكثر من ممتاز لتوديع الملاعب، ولكن الآن سيغادر وفريقه في المركز الثامن وغائب عن كل تميز، وهذا نهاية الطمع، فاللهم ارزقنا القناعة.
- من الظلم استمرار المدرب كانافارو مع فريق النصر، فقد فقدَ الفريق النصراوي كل ما بقي لديه من بريق وتلاشى التنظيم وكثر تذمر اللاعبين، وواضح أن ما في رأسه كورة فهو نجم كلاعب، ونجم كشخة في لبس البدل، لكن في مهنة التدريب (والله انه من جنبها) فقد فضحت اللاعب النكبة عندما ذكر أنه يلعب بدون تكتيك.
- أمس التقى قطبا الغربية في لقاء قد يكون مثيرا وجماهيريا (الله أعلم)، لكن كل ما أتمنى ألا يكون لمقطع اللاعب غير اللائق أي تأثير على مجريات اللقاء، وأن يكون الإبداع العنوان الأبرز لقمة كروية يتطلع الجميع إلى مشاهدتها وتعويض جماهيرهم، بعد أن خذلتهم قمة الوسطى.
- مبروك وألف مبروك للاعب السعودي ولاعب نادي الهلال ياسر الشهراني فوزه بجائزة الأفضل خليجيا في جلوب سوكر، وفوزه مستحق عطفا على أدائه وإثبات وجوده، وأعتقد أنه أفضل ظهير خليجي اليوم في الملاعب، ويستاهل لتميزه لعبا وخلقا وانضباطا وكثر الله من أمثاله.
- يقول أحد الظرفاء إن أزمة نادي النصر المالية لن تحل إلا ببيع أحد لاعبيه المحترفين، خاصة اللاعب النكبة القادم من الفريق الجار، وهذا كلام مقبول ومنطقي، ولكن من سيدفع ولو ربع ما دفعه نادي النصر في اللاعب، وأتحدى أن يدفع أي مبلغ مقابل انتقاله، والله ما يسوى وأذكركم إذا ما رحل مجاني.
خاتمة:
ما يهمني كلام الناس لأنه أشبه بالتراب إذا لم يطِر في الهواء فهو يداس بالأقدام، فأنا أعيش عفويتي، فالألسنة لن تصمت.
(وعلى الوعد والعهد معكم أحبتي من كل يوم جمعة عندما ألتقيكم عبر جريدة الجميع (الجزيرة) ولكم محبتي وعلى الخير دائما نلتقي.