ميسون أبو بكر
كنا سمعنا وقرأنا عن برنامج التحول الوطني الذي رعاه رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية الأمير الشاب محمد بن سلمان ولي ولي العهد، وذلك في الاجتماع الذي نظمته الأمانة العامة لمجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية متضمنًا ورش العمل التي جمعت الوزراء مع شرائح مختلفة من المجتمع السعودي.
انتشى الذين حضروا اللقاء وسمعت ممن التقيتهم منهم ما يثلج الصدر، ويبعث الأمل والتفاؤل بمستقبل مشرق ومشروعات سترى النور قريبًا وبمملكة أمام تحدٍّ كبير ومجتمع قادر على التحول وتحقيق الطموح والمواطن هو المعنيّ الأول بكل هذا وهو مركز الاهتمام.
وبعد إعلان سيدي سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله- ميزانية 2016 فاجأنا التلفزيون السعودي بلقاءات شفافة غير مسبوقة حضر من خلالها مسؤولون ووزراء في الدولة ليكونوا في حوار شفاف مع المواطن خلف شاشة التلفاز أو مع الصحافيين الذين حضروا في الاستديو بعد إعلان الميزانية مباشرة.
هذه اللقاءات كانت بمنزلة تحليل وتوضيح لسياسة الدولة التي تسعى لترشيد الاستهلاك وكفاءة الإنفاق، وليس القصد رفع الأسعار بقدر ما هي ترشيد للنفقات غير الضرورية، وتعديل بعض الأسعار كالمنتجات البترولية والكهرباء والماء التي لها دور أساسي في الترشيد، فقد بلغ استخدامنا للماء أعلى المستويات في العالم وكذلك الكهرباء بنسبة عالية جدًا، كما نهجت الدولة عدة سبل مثل منها: إيقاف وإلغاء المشروعات المعتمدة من سنوات وغير المنفذة بعد وهذا دليل على عدم الحاجة لها، إضافة لمشروعات قيد التنفيذ مثل خصخصة بعض القطاعات الحكومية والاستثمار في التقنية كما هو تعزيز الإيرادات غير البترولية ليكون هناك توازن في الإيرادات وعدم الاعتماد المطلق على البترول المتذبذب في الأسعار.
من الحكمة قرار إنشاء مركز إدارة المشروعات لكل وزارة وهيئة متخصصة في دعم المشروعات ومراقبة تنفيذها، وهذا من شأنه القضاء على الفساد في المشروعات المتعثرة ومتابعة المنفذ لتتحقق المشروعات على أرض الواقع وبجودة عالية يستفيد منها المواطن.
قد يكون الاقتراض أمرًا مطروحًا، فالدول التي تملك اقتصادًا قويًا لا مانع لمنحها القروض، وللمملكة القدرة على الاقتراض الذي يساعدها فيه وضعها المادي القوي، ومقارنة بدول العشرين فالمملكة تعد الأقل في حجم الاقتراض الحكومي، لذلك قامت وزارة المالية بتفعيل مكتب الدين العام والغرض منه عمل دراسة على السوق المحلية والأسواق العالمية ليرى الأنسب للحكومة للاقتراض الذي لا يؤثر على القطاع المصرفي المحلي ليستمر القطاع الخاص في النمو دون تأثر كما كيلا يُستنزف احتياط النفط بشكل سريع.
مشروعات وخطط كثيرة تضعها المملكة قيد التنفيذ العاجل مثل الاستفادة من الاستثمارات الهائلة التي قامت بها المملكة في البنية التحتية في الصحة والتعليم وكل ذلك تحدث عنه بتميز معالي الدكتور محمد بن عبدالملك آل الشيخ في حوار الإعلامي المتألق د. طلعت حافظ الذي ركز على مشروع التحول الوطني الذي أقرته الدولة وجهد صاحب السمو الملكي محمد بن سلمان وورش العمل واللقاءات الدؤوبة لإنجاح المشروع 2020.
كانت اللقاءات شفيفة ومواكبة إعلان الميزانية وكل ما حملته من رؤى وتجاوزته من معوقات وعجز بسيط لم يتجاوز 5.8 حجم الدين العام للميزانية تسبب به الوضع العالمي لانخفاض أسعار النفط وعاصفة الحزم في اليمن الشقيق.
كان الاثنين الماضي موعدًا مهمًا للشعب السعودي مع ميزانية الدولة التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الذي كانت له جملته التي لها وقعها في نفوس الملايين: «اقتصادنا بعون الله يملك من المقومات ما يؤهله لمواجهة التحديات».
كل ما سمعناه وشاهدناه وكل المؤشرات وكفاءة القائمين على مشروع التحول الوطني يدعو للتفاؤل ولا يدعو إلى القلق، والدور الباقي على المواطن، شريك التنمية وأساسها، الذي لا بد أن يكون فعالاً وجنبًا إلى جنب في قضايا الترشيد ولا بد من تعمق شعور الوعي داخله في أهمية ما يملك والسعي للحفاظ عليه.
قبل أن أرسل هذا المقال وكنت في طريقي للعمل وبنفس التوقيت الذي عادة ما يشهد زحامًا شديدًا في الرياض، شعرت ببعض التغيير فقد قل الازدحام، ربما نبع من اقتناع البعض بضرورة الترشيد في استهلاك الوقود وهذا هو ما نصبو لتحقيقه من عدم إهدار المال في الوقود وفي الماء والكهرباء لنحقق أولاً الأمر الإلهي بعدم الإسراف.