محمد المنيف
من الغريب أن نسمع أو نقرأ بعضاً من (خزعبلات) مَن يدَّعون انهم فنانون بأن فلانا لم يعد فنانا، أو بالقول (إيش جاب فلان للفن)، أو (هذا من زمان بعيد عن الفن) أو (هذا ما عاد يرسم).
عبارات تنم عن جهل بمدة صلاحية المبدعين على اختلاف تخصصاتهم أو سبل تعبيرهم ومنهم الفنانون التشكيليون لمجرد ابتعاد أو اختفاء الفنان عن المشاركات، أو إقامة المعارض بعد قناعته انه اكتفى بها عن الاستمرار في مشواره مع البقية، بأن ذلك الابتعاد أو الاختفاء (فنيا) يعني عند أولئك (نهاية صلاحية)، خصوصا عند الذين يرون أنفسهم هم القيمون والقائمون ومنظرو الساحة.
الجهل عند هؤلاء بمعنى عدم الاستمرار أو الابتعاد من جانب بعض الفنانين عن الساحة نتيجة لأسباب يعلمها (هو وليس هم)، وقد يكون من أسباب ابتعاد أولئك الفنانين، وجود مثل هذه الفئة المنتقدة وليست ناقدة التي تملأ المكان (نواحا) دون ان يقدموا عملا مشهودا للفن التشكيلي وللفنانين، وإنما بحثا عن مصالحهم الشخصية، ليصل إلى التشكيك بأن هذا الفنان أو ذاك (المبتعدين) لا يمكن تكريمهم أو إشراكهم في لجنة تحكيم أو مشاركة في تمثيل الوطن للتعريف بالفن، لأنهم لم يعودوا يشاركوا أو يقيموا معارض.
هؤلاء (الخزعبليون) يجهلون الكثير عن دور كبار الفنانين عمرا وإبداعا الذين وضعوا لهم موقع قدم في تأسيس حراك الفن التشكيلي السعودي قبل ان تظهر مثل هذه الأصوات المبحوحة التي لا تتعدى أصواتهم أوتار حناجرهم، حتى لو وجدوا من يهلل لهم ويكبر من باب الاستفزاز وتحريكهم ومن ثم التشفي بهم.
ومن المؤسف ان اسمع ما نقل لي ولعل النقل غير صحيح كوني ممن لا زال منخدعا بوجود من نقل عنهم هذا القول في الساحة كفنانين مع وقف تنفيذ القناعة، يعلنون ان من ابتعد عن الساحة من الفنانين ليسوا بفنانين وكأني بهم يضعون على جباه أولئك الفنانين المتوقفين عن التواجد والمشاركات وبقاء ممارسة فنهم في مراسمهم جملة (منتهي الصلاحية).
دون علم هؤلاء ان من يتوقعون انه توقف أو لم يعد له حضور في الساحة بشكل متواصل، خصوصا من الفنانين الرواد أو من بعض جيل الشباب أصحاب التجارب المتميزة، انهم وجدوا ضالتهم بعيدا عن الساحة من خلال المقتنين فأصبحوا في حال غير حال من الجوانب المادية ومن الانتشار في مواقع وأماكن ومشروعات لا تحتاج للأضواء التي اكتفت بها في بداية مشوارها، فنانون لا يتوقف عطاؤهم يمارسون فنهم بكل حرية بعيدا عن أجواء مدعي النقد والتحليل والتنظير، وحينما يدعون للعمل خدمة للفن التشكيلي فذلك ناتج عن قناعة من وجه لهم الدعوة تقديرا لامتلاكهم الخبرة واعتبارهم فنانين مخضرمين شاهدين على ما يحدث في الساحة وما يمر بها من تبدل وتغير ومتابعين لمسار تجارب من جاء بعدهم من الأجيال.