عماد المديفر
في محاولة للالتفاف على الحقيقة بأسلوب التورية والتقية، كما نصت على ذلك أدبيات هذه الجماعة الإرهابية؛ ومحاولة لتمرير وتأطير ما قد يفهم بأنه حالة من الازدواجية في علاقة تنظيم الإخوان المسلمين بنظام ولاية الفقيه في إيران، وتقديم تفسير مخادع.. يقول محمد فاروق طيفور، نائب المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا في حديث خاص مع «العربية نت» حينما سُئل عن ارتباط جماعة الإخوان المسلمين في كل من مصر وفلسطين بالإيديولوجيا الخمينية: «الإخوان المسلمين في كل قُطر هم أصحاب القرار دون أن يكون لهم علاقة بالتدخل في شؤون الجماعة في دولة أخرى» مضيفاً أن قيادة كل قطر لها استقلاليتها ومنهجها السياسي الذي تنفرد به..
مؤكداً انفتاح جماعة الإخوان المسلمين في سوريا بالتعامل مع المجتمع الغربي والولايات المتحدة، وقال:» لنا منهجنا الخاص وهناك التقارب في الرؤى مع جماعة الإخوان المسلمين في تونس وحركة الإصلاح باليمن».. مشدداً على إبراز أن كافة الحركات التي تحمل الفكر الإخواني لها قياداتها المستقلة وقرارها الخاص رغم وجود التفاهم والتشارك في عدد من القضايا: «لسنا ملزمين بمنهج الإخوة في كل من مصر وفلسطين ونحن في صراع عنيف مع الإيرانيين» انتهى الاقتباس.. فما صحة هذه المزاعم؟
أضع بين يديك هنا عزيزي القارئ الكريم؛ حقيقة موضوعية مثبتة حول كيفية سير عمل هذا التنظيم الدولي، أظهرتها نتائج دراسة علمية محكمة لـ»تحليل خطاب» أحد أحزاب الإسلام السياسي في الخليج العربي، والتابعة لتنظيم الإخوان المسلمين، أجريتها مؤخراً لصالح مركز المسبار للدراسات والبحوث..
لقد تبين من خلال الدراسة، أن حركة تنظيم الإخوان المسلمين واحدة في جميع الأقطار، فهي تنظيم دولي سري شبكي، مزدوج، مركزي ولا مركزي في ذات الوقت، مكون من عدة خلايا موزعة على الدول والأقطار المختلفة، بحيث تبدو كما لو كانت شبه منفصلة عن بعضها البعض.. وهو أسلوب متقدم في التحكم والقيادة والسيطرة، وله نظرية علمية خاصة تشرحه، تسمى نظرية «الامتياز» في التواصل والإدارة Excellent Theory، وهو ما تتبعه التنظيمات الماسونية السرية منذ القدم، حتى من قبل أن تظهر هذه النظرية العلمية على السطح، فهي نظرية ظهرت حديثاً على أية حال، إلا أن تنظيم الإخوان، والتنظيمات الماسونية السرية هي الأخرى، كانت تتبع ذات الفكرة في الإدارة منذ نشأتها، كونها تنظيمات عابرة للحدود، وللقارات، وتستهدف التحكم في شعوب مختلفة من ثقافات ولغات وأديان ومذاهب ونظم سياسية متنوعة، ما يلزم إدارتها، وتشكيل تنظيمها بشكل أكثر مرونة وأكثر ذكاءاً لتحقيق الهدف وهو «التحكم بالشعوب العربية والمسلمة والسيطرة عليها باسم الدين لهدمهم وبأيديهم من داخلهم»..
فهي تنظيمات مركزية من حيث التنسيق والتكامل بين هذه الخلايا والمركز تجاه تحقيق الأهداف العامة الرئيسة، ولتأخذ كل خلية توجيهاتها من زعيم التنظيم، أو من ينيبه إذا تعذر التواصل معه، وهو ما تعكسه جملة: «مع تنسيق وتكامل فيما بينهم». كما أنه في ذات الوقت تنظيم غير مركزي، يعطي لكل خلية الحق في تنظيم وإدارة أنشطتها الفرعية في البلد المتواجدة فيه بحسب ما تراه متسقاً مع النظام أو القانون المحلي، والحالة السياسية، والثقافة المحلية، والمعتقد الديني المنتشر، والقيم والمفاهيم الدينية والعقدية داخل هذا القطر أو ذاك، فهي صوفية في البيئة الصوفية، وأشعرية في البيئة الأشعرية، وسلفية في البيئة السلفية، بل وشيعية في البيئة الشيعية، وهي ما تعكسه عبارة: « الإخوان المسلمين كانوا مستقلين في تفكيرهم وأداءهم ضمن الأقطار»، وهو ما يفسر ترجمة كتب المنظر القيادي الإخواني سيد قطب إلى اللغة الفارسية من قبل المرشد الأعلى لإيران «علي خامنئي» عام 1979م وحتى قبل أن تضع الثورة الخمينية «أو ما يسمى بالثورة الإسلامية» أوزارها في إيران.
وكان من اللافت جداً، أن هذه الدراسة كشفت أن التنظيم يعمل على ثلاثة مسارات متوازية لتحقيق «الهدف الموحد» أو ما تسميه أدبيات الحركة بـ»إسقاط حكم الطغاة تمهيداً لقيام دولة الخلافة».. وليس شرطاً موضوع الخلافة هذا على أية حال.. فالخلافة مجرد اسم لدغدغة المشاعر، والهدف الوصول إلى الحكم بأي طريقة ممكنة.. وهذه المسارات، التي ينبغي أن لا تغيب عن بالنا، هي: «دعوي تربوي، وسياسي، وجهادي» بحسب وصف أدبيات هذه الجماعة الإرهابية..
وأن كل مسار من هذه المسارات له رموزه وعناصره.. والتي يعمل التنظيم بحرفية عالية لأجل تحقيق الفصل الكامل بين العناصر المناط بها للعمل في هذا المسار أو ذاك.. إذ يشدد التنظيم على ضرورة عدم ظهور أي اتصال أو التقاء بين هذه المسارات، كي لا يتضرر مسار بالمسار الآخر في حال كشف السلطات المحلية له ومحاربتها اياه..
إنه مشروع متكامل طويل المدى وموزع على «الأقطار الإسلامية والعالمية المختلفة» وأينما تواجدت جالية مسلمة.. يعمل على التجنيد والحشد والتعبئة، خاصة لصغار السن ممن لم تتكون لديهم بعد، معرفة ودراية كافية، وهو ما يتفق وعدة دراسات علمية أخرى لاحظت بأن تنظيم الإخوان يولي النشئ وصغار السن عناية خاصة، ويحرص على السيطرة على المؤسسات التي تعنى بالتربية والتعليم ومخاطبة هؤلاء الصغار. وقد بدأ التنظيم هذا المشروع منذ السبعينيات الميلادية.. وهو اليوم يمني نفسه بقطف الثمار قريباً. رد الله كيد أعداء الملة والدين في نحورهم.