فهد بن جليد
في منطقة (جميرا بيتش) بدبي، يحاول (أبو صالح) - هكذا عرفت اسمه لاحقاً - استجماع عُصارة دراسته (اللغة الإنجليزية) في مراحل التعليم العام و الجامعي، من أجل توضيح أنه (ملَّ) من طول الانتظار، مُخاطباً (الخواجة) التي سجلت اسمه، وأعطته ورقه فيها الرمز (DF) حتى لا يتقاطع مع (أبو صالح آخر) في قائمة انتظار أحد المطاعم والمقاهي الشهيرة على ضفاف الخليج!.
بالمناسبة أعجبتني هذه الطريقة الذكية، في منح كل اسم في (قائمة الانتظار) كود خاص به (رمز حرفين) ليتم من خلالها التعامل مع الزبون، حتى لا يحدث تشابه أسماء، أذكر أنني كنت (شاهد عيان) على مُشادة كلامية حدثت في أشهر المطاعم الشعبية (للفول والمعصوب) بالرياض، عندما وقع خلاف في قسم العائلات بسبب تشابه الأسماء، فكل يقول أنه المقصود، وأن له الحق في الجلوس على الطاولة بسبب طول مُدة الانتظار..!
عموماً نعود لـ(أبو صالح) الذي يتحدث بصعوبة بالغة، ينطق الحروف بتردد، ليجمعها محاولاً تذكر كيفية نطق الكلمة ومعناها؟ مما جعله يلجأ لاستخدام يديه (بكثرة) لشرح الموقف .. مع شعوره بالخجل والضعف؟!.
هنا وجدت لزاماً علي أن أساعد (ابن بلدي) الطيب، فتعمدت مقاطعة حديثه وهو غارق في (ذس نومبر، مور تايم، يو، آي .. إلخ)، وتحدثت مع (الخواجة) باللغة العربية لأسال عن رقمي أنا أيضاً ؟ فردت علي (بلهجة خليجية مكسرة)، ولكنها مفهومه على طريقة (شوي أنادي عليك، ما يسير بعيد، خلي قريب رقمك طال عمرك )، هنا بحلق (أبو صالح) بعينيه؟ وقال لي مبتسماً ما شاء الله عليك (فكّيت شفرتها)؟ تنفس الصعداء وعاد للحديث معها بالعربية هذه المرة وبكل ثقة، وأصبحت هي (الحلقة الأضعف) في الحوار الدائر بينهما!.
يجب أن لا نُعقِّد المسائل لنصبح (خواجات) أكثر من (الخواجات) أنفسهم!.
الخطأ مُنذ البداية هو شعوره (بالخجل) من الحديث معها (بالعربية) لأن معظم الناس يتحدثون في هذا المكان بالإنجليزية.. وهي ترى أنها (غير ملزمة) باختيار اللغة التي يجب عليه أن يتحدث بها، ولكن موازين القوى تغيرت كثيراً عندما تحدث (باللغة التي يجيدها)، لتصبح هي من تحاول مجاراته؟!.
هذا المشهد كشف لي أننا نعيش (أزمة ثقة) كبيرة، سيتغير (حالنا) للأفضل، لو تخلصنا منها؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.