إبراهيم السماعيل
بالأمس حملت إلينا وسائل الإعلام المختلفة تصريحاً للرئيس الروسي بوتين هو الأخطر على الإطلاق منذ إعلان روسيا حربها على الشعب السوري دعماً لبقاء الأسد وعصابته وبالتالي دعماً للمشروع الفارسي في المنطقة إضافةً إلى حماية مصالح روسيا المزعومة.
للأسف الشديد يبدو أن هذا التصريح الخطير مر مرور الكرام ولم يُلتفت له ولم يأخذ ما يستحقه من الاهتمام نظراً لخطورته الشديدة خصوصاً من الولايات المتحدة الأمريكية وبقية الدول العظمى.
فلقد صرح الرئيس الروسي خلال استعراضه للأسلحة التي تحملها الغواصة الروسية قبالة الساحل السوري بأنها تحتوي من بين أسلحتها العديدة على صواريخ تستطيع حمل رؤوس نووية، إلى هنا والتصريح قد يبدو عادياً لكن ما هو غير عادي وفي منتهى الخطورة إضافة الرئيس الروسي بأنه «يأمل ألا يضطر لاستعمال هذه الأسلحة النووية» في حربه على الشعب السوري.
لم يسبق أن تجرأت أي دولة في العالم على إصدار مثل هذا التهديد البالغ الخطورة منذ أزمة خليج الخنازير في كوبا في ستينيات القرن المنصرم بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي.
والسؤال هنا كيف يمر تصريح بهذه الخطورة على السلم العالمي برمته بدون أدنى تعليق أو اعتراض من الدول الكبرى؟ ، ثم هل فعلاً بوتين يعني ما يقول؟ أم أنه تهورٌ غير محسوب من رجل المخابرات السابق وزلة لسان لا أكثر؟ أم أن هذا التصريح أتى في سياق الأزمة التركية الروسية بعد إسقاط تركيا للطائرة الروسية؟
باعتقادي أنه منذ بداية الكارثة التي حلت على الشعب السوري والروس لا يلعبون إلا في المساحة المسموح لهم باللعب فيها من الدولة الأعظم في العالم الولايات المتحدة الأمريكية وليس كما يشاع أن روسيا تريد استرداد دورها المفقود بعد انهيار الاتحاد السوفييتي كدولة عظمى منافسة للولايات المتحدة الأمريكية فروسيا تعرف تمام المعرفة حجمها الحقيقي.
إن كل ما فعله الروس ويفعلونه الآن من استعراض للعضلات منذ التدخل الروسي في الحرب الأذربيجانية الأرمنية حول إقليم ناجورنو قره باخ المتنازع عليه بين الدولتين مروراً بالأزمة الأوكرانية وموقف الغرب المتراخي منها وصولاً إلى الدور الروسي القذر في الحرب على الشعب السوري قد تم بموافقة ومباركة من الولايات المتحدة الأمريكية، وعليه فإنني أعتقد أن مرور هذا التصريح الخطير بدون اعتراض من الولايات المتحدة الأمريكية يندرج تحت هذه الموافقة الأمريكية ليلعب الروس أدواراً مكملة للإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط حيث يؤدي الروس أدواراً لا تستطيع الولايات المتحدة القيام بها علناً بسبب الرأي العام الأمريكي والغربي عموماً المناهض لمثل هذه الأدوار العلنية بعكس روسيا التي لا تعاني من هذه الإشكالية.
لقد استعملت العصابات الأسدية السلاح الكيماوي عشرات المرات ضد الشعب السوري وبأدلةٍ لا يرقى إليها أدنى شك ومع ذلك أفلتت من العقاب بمسرحيةٍ معروفةٍ وقتها أخرجها ولعب كل أدوارها الأمريكان والروس، فهل تفعلها روسيا الآن، وتفلت من العقاب، أم أن استعمال الكيماوي شيء والنووي شيء آخر مختلف تماماً؟؟ هذا ما سوف تكشفه لنا الأيام القادمة.