عروبة المنيف
يستهين غالبيتنا بقوة عقلنا اللاواعي (العقل الباطن) وفي سيطرته الكاملة على إدارة حياتنا كلها وبالتالي قدرته على نقلنا من حالة إلى أخرى، فالعقل البشري يتكون من جزأين وهما العقل الواعي، والعقل اللاواعي،
يستهين غالبيتنا بقوة عقلنا اللاواعي (العقل الباطن) وفي سيطرته الكاملة على إدارة حياتنا كلها وبالتالي قدرته على نقلنا من حالة إلى أخرى، فالعقل البشري يتكون من جزأين وهما العقل الواعي، والعقل اللاواعي، فمن 400 بليون Bits (ال Bit هي أصغر وحدة بيانات في مجال الحاسبات) من المعلومات التي يعالجها العقل في الثانية الواحدة تكون واعياً بما يقارب ال 2000 Bits على الأكثر، والباقي يعالج في اللاوعي، فنحن في معظم الأوقات نكون في حالة اللاوعي، لذلك 96% من أوقاتنا نقضيها في اللاوعي بينما يشارك الوعي بما مقداره 4% من الوقت، وخذ مثالاً على ذلك عملية قيادة السيارة، إنها تتم في حالة من اللاوعي وقس على ذلك.
إن العقل اللاواعي يتحكم بإدراكاتنا، وبالتالي بسلوكياتنا وجميع مدركاتنا الشخصية تعتمد على حالتنا وما نشعر به وما تمت برمجتنا عليه، إننا نرى العالم من منظورنا الشخصي وليس كما هو حقيقة، نراه كما يراه عقلنا اللاواعي ويطلق على ذلك المنظور (الخريطة الداخلية) خريطتنا التي رسمناها داخلنا لنرى العالم حسب توجيهات تلك الخريطة وهناك مقولة في علم البرمجة اللغوية العصبية تؤكد أن (الخريطة ليست المقاطعة)، على سبيل المثال، نلاحظ توجيهات تلك الخريطة الداخلية لدى الإرهابيين فهم ينظرون إلى العالم من منظورهم الداخلي وتبعاً لذلك خلقوا خريطتهم الداخلية التي يتصرفون على أساسها، فلا الإدراك صحيح ولا التصرف كذلك، فالمعلومات التي ساهمت في تشكيل ذلك الإدراك غير صحيحة، وبالتالي السلوك أيضاً غير صحيح.
للعقل اللاواعي قدرة على التعامل مع الذكريات سواء السلبية أو الإيجابية وتخزينها وتنظيمها في ملفات فهو يسيطر على المشاعر السلبية الناتجة عن الذكريات السلبية.
والعقل اللاواعي حريص علينا جداً في محاولة منه لحمايتنا فهو يقوم بكبت تلك المشاعر حتى لا تؤذينا، ويطلق على تلك الذكريات السلبية (الصناديق السوداء) والتي ينتج عنها مشاعر عديدة كالغضب والحزن والخوف والألم والشعور بالذنب، تلك المشاعر المكبوتة تخلق مع مرور الوقت معتقدات سلبية تخص حامل تلك الذكريات والمشاعر السلبية الناتجة عنها فيشعر بأنه عديم الثقة في ذاته، غير قادر على اتخاذ القرارات، غير كفؤ، والكثير من المعتقدات السلبية المدمرة التي تجعله لا يستطيع الحراك والتوسع والنمو ويبقى في منطقته والتي يطلق عليها، منطقة الراحة ويستمر ( محلك سر)، ليس لعدم قدرة بل خوفاً من عدم القدرة .
إن الإشكالية ليست في عدم النمو والتغيير والتوسع والانطلاق فقط، بل بما تحدثه تلك الصناديق من آلام وعذاب، عندما تبدأ بالنبض محاولة تفريغ حمولتها لأن العقل اللاواعي ليس لديه ثلاجات لحفظها باستمرار، فهو مضطر من وقت لآخر أن يظهرها للتعامل معها وإيجاد حل لها، فالعقل الواعي وغير الواعي يدركان خطورة تلك (الصناديق السوداء) على الصحة ومقدرتها على التدمير، لأن تلك الذكريات والمشاعر السلبية المرتبطة بها مصنوعة من طاقة (كأي شيء بالكون) وبالتالي تعمل تلك المشاعر السلبية على تعطيل تدفق الطاقة في الجسم ما يؤدي إلى ظهور الأمراض، ويؤكد جميع الأطباء بأن ما لا يقل عن 80% من الأمراض هي بسبب التوتر التي تسببه تلك الصناديق السوداء.
إن أي فكره تجتاح العقل اللاواعي يتم تصنيفها مباشرة حسب نوعيتها، فإذا علم أحدهم بأنه يعاني من مرض ما، سيبدأ بالتفكير في ذلك المرض وسيبدأ العقل اللاواعي بصنع عوائق طاقية بحيث يمنع تدفق الطاقة في الجسم بسهولة، فيزداد الألم ويصبح هناك تضارب في المعلومات المتدفقة للعضو المصاب وإلى بقية أعضاء الجسم، ما يفاقم الحالة ويبدأ المريض يعاني من اعتلالات أخرى.
إن الإنسان هو سيد عقله اللاواعي، وإن إعطاء الأوامر والمعلومات الصحيحة والتوكيدات الإيجابية عن الذات يجعل العقل اللاواعي يستجيب مباشرة ويتجه نحو تحقيقها.
في كتابه (Mega brain) كتب مايكل هتشيسون قصة طبيب كان له صديق عمره والذي بدوره يتمتع بصحة جيدة ولديه عمل وزوجة وأطفال وكلب أيضاً، وعندما توفي ذلك الصديق قام الطبيب بتشريح جثته ليصدم عندما يكتشف بأن صديق عمره ليس له دماغ في رأسه، لديه فقط حاجز دماغي وطبقة رقيقة جداً من خلايا الدماغ، وفي وسط الدماغ ماء فقط (حالة استسقاء بالرأس). عندما عرض ذلك الطبيب الحالة في مؤتمر للأطباء في مدينة مونتريال رفع طبيب آخر يده وقال إن والده كان لديه نفس الحالة ولم تكتشف أيضاً إلا بعد وفاته وتشريح جثته مع أنه كان يتمتع بصحة جيدة وكان بارعاً في الرياضيات وفي لعب الشطرنج أيضاً، هؤلاء الأشخاص لم يقل لهم أحد بأنهم بدون دماغ وعدم معرفتهم بذلك جعلهم يعيشون حياة طبيعية!! ومن المستحيل أيضاً أن يعيشوا حياة طبيعية لو عرفوا أنهم بدون دماغ!.
إن معتقداتنا التي يتم ترسيخها داخلنا تؤثر على سلوكياتنا وعلى قدراتنا وإمكانياتنا، ماذا نتوقع مثلاً من طفل يقال له باستمرار بأنه غبي؟ سيظل لديه معتقد راسخ طوال حياته بأنه غبي، وسيتصرف بغباء وسيصبح عالة على نفسه وعلى الآخرين.
إضاءة:
هناك تقنية جميلة وبسيطة، فقط حاول تكرار جملة لتدريب عقلك اللاواعي بالتركيز عليها في أوقات مختلفة خلال اليوم إلى أن تسيطر على وعيك وتدفعك لتحقيقها، كررها ما لا يقل عن 200 مرة باليوم لمدة شهر ولاحظ الفرق.
إذا كنت تبحث عن السلام والهدوء ردد الجملة «أنا ممتن جداً لأنني شخص هادئ ومطمئن».
إذا كنت تبحث عن الثقة، ردد «أنا في منتهى السعادة لأنني مليء بالثقة والشجاعة».
إذا كنت تبحث عن الازدهار والوفرة ردد «أنا ممتن جداً لأن المال والفرص تتدفق إلى حياتي».