- كأنها على موعد مع الصبح، تقود السعودية تحركات مدهشة، وتحالفات عميقة تؤسس لعلاقات ما وراء البحار والقارات برباط دولي متين يعكس منهجًا فريدًا من القوة المباركة، وعلاقات من نوع آخر، جاءت في موعدها، على يد ملك أدرك الفرصة التاريخية في لحظة تهاوت أضلاع الأمة العربية، فاحتضنها، ورمم عظامها بقلب أب رحيم وطبيب ماهر، وبيد واثقة تسعى لانتشال الأمة كلها من غيبوبتها القهرية.
- في اليمن لم نكن قادرين على طرد الميليشيا الانقلابية، عدن تستغيث، تعز تُـقصف براجمات الصواريخ، قرى ومناطق صعدة، الجوف، مأرب التي تنام على بحر من النفط والغاز يقترب إليها الحوثيون بنار ذات لهب، الجنوب كله يسقط في ساعات، الإرهاب يغزو اليمن، وكل من يعترض يسحبه الانقلابيون إلى السجن ويصادروا كل أملاكه، يفجرون منزله، ويتركونه عِـبرة للحرية المصلوبة على شاهق، النساء تنتحب، الثكالى، الأرامل، الأطفال يُـقطّعون بأوصال الكاتيوشا، الرجال يُقتَلون في مهمة الدفاع المقدس عن دُورِهم ومُدِنهم وضِياعهم الضائعات، يصرخ الرئيس عبدربه منصور هادي الذي طار كالريح مستغيثًا بالجار الكبير، يغادر إلى بيت العرب، ويستغيث بمن ينقذ «اليمن»، فلبى ملك العرب غوثه، وأجاره، وقاد عاصفة حزم أعادت الحق لأهله، ومنعت خلية إيران الأمنية من العبث في بلد عظيم كاليمن الذي يجب أن يستقر لتستقر معه وبه وتصلُـح عليه أمر الأمة وأمورها.
- تطير الرياض عبر العالم، من القمة اللاتينية إلى قمة مجلس دول التعاون العربي، ومن قمة تركيا إلى زيارات قادة الدول ووزرائها، يأتونها من كل فج عميق، يعرفون ما لها وما عليها، وبأنها التي لا سبيل للعرب منها إلا إليها، ومن مؤتمر الرياض اليمني إلى المؤتمر السوري، ومن مفاوضات دعم جنيف لإرساء السلام في اليمن، تقفز المسؤولية مستشعرة انتماء وطنيًا عظيمًا بأمة خالدة الذكرى والرسالة لتقف على أطلال سوريا وتمسح عن رجالها الوطنيين جراح «الأسد» ومخالبه في غابة لئام الشام.
- لا تتركوا الملك «سلمان» وحيدًا، فما على كاهله وأنجاله وأخوته ورجال حُكمه مهمة عسيرة تخوضها السعودية بكل عزم وجرأة ترمم بها سني شقاء العرب، وتُـصحح أوضاعا اختلت توازناتها، وأفرزت هذا الواقع الذي لا يُـسر حبيبًا أو عدوًا.
- حينما أنظر بقلق إلى الدول العربية في ظل هذا التوحش الإرهابي أو التآمر العالمي، حين تتداعى القدس تحت ضربات الصهاينة، وتختنق مصر بطائرات شرم الشيخ، وتُـحاصر اليمن بمد الانقلابيين، وتُـسحق سوريا بأفعال طائشها الديكتاتور، وتتمدد داعش القُـبح في حاضرة الخلافة العباسية، وينال من كرسي الرشيد شريد ضال، أجعل يدي على قلبي حفظًا لسلامة الخليج وأهله، حُـكامًا ومحكومين، لم يبق لنا من هذا المشهد المضمخ بالعار واللهيب، سواهم بعد الله سبحانه جل في علاه، وإذ رأيت الملك «سلمان» يرفع سيف العدل في وجه الظالم يحضرني سيف معتصم عمورية.
- السعودية تصنع التاريخ، وتبني الأمم، وتتحمل ما يفوق أن يرفعه الأب لعياله من الأمل والخير والثروة، ثلاثة ملايين يمني يأكلون من خير بلاد الحرمين، ومثلهم وأضعاف متفرقون من كل بلاد الدنيا، بنغاليون، فلبينيون، باكستانيون، هنود، مصريون، مغاربة، تونسيون، العرب والمسلمون كلهم هنا في بيتهم، يأكلون ويدعمون اقتصاديات دولهم، يؤمّنون قوت أولادهم وأسرهم.
- هذا هو البيت الكبير، وذاك «سلمان» سيف السلم ورجل السلام المدافع عن سِـلمه وإسلامه، الأب الذي يحرص على أهله وعشيرته ودول مجلس التعاون التي كنت أتمنى أن أرى «اليمن» بينها عضوًا يسهم في نشاطها بكل فاعلية وحرص لتوأمة العلاقة والمصير والجغرافيا. وكما كنت أقولها سابقًا، سأظل أعيدها، ثقوا أن العرب بخير ما دامت السعودية بخير، حفظ الله المملكة قيادة وشعبًا من كل الشرور، ونفاثات العُـقد.
.. وإلى لقاء يتجدد
سـام الغُـباري - كاتب يمني