محمد آل الشيخ
بهذا الاسم يصف الدواعش بعض أفراد كوادرهم؛ فالذئاب المنفلتة هم الدواعش الذين يقومون بعمليات إرهابية اغتيالية، وعلى حين غرة، يقوم بها عادة فرد داعشي أو فردين، كما حصل في حادثة كاليفورنيا، ويخطط لها بمفرده، ثم ينفذها فتكا متى سنحت الفرصة بأي سلاح متاح، حتى وإن كان بندقية صيد أو سكينا لاتستخدم في الاغتيالات.. ورغم أن التدمير الذي ينتج عن هذه العمليات عادة ما تكون محدودة في الغالب، وليس دائما، إلا أنها في رأيي من أخطر أنواع هذه العمليات، من حيث عدم قدرة أجهزة الأمن على رصدها ومنعها استباقيا، فكيف بالإمكان لرجل يبحث عن القتل بأية وسيلة، وهدفه أن يقتل لمجرد القتل أكبر عدد من الناس، بغض النظر من هم، ومن يكونون، أن تمنعه من القتل؟
لذلك يمكن القول إن العالم بعد هذا الأسلوب الهمجي الدموي الذي انتهجه الإرهاب مؤخراً، دخل إلى فترة دموية عصيبة فعلا لا قولا؛ لاسيما وأن الدواعش هؤلاء لا يهمهم من يكون الضحية، حتى وإن كان أقرب الناس إليه، كوالدته مثلا، كما حصل ذلك مع أحدهم في شمال لبنان عندما فجر نفسه في منزله فاغتال والدته وابنة أخيه. أو داعشي آخر مع والده في جنوب المملكة. القضية كما تبدو لا يمكن فهمها وفهم بواعثها الا من عدة مستويات، يأتي الباعث الأيديولوجي في أدنى المستويات، ويبرز بشكل أكثر وضوحا العامل النفسي والتربوي، والشعور العميق بالإحباط واليأس والقنوط، إضافة إلى أن الدواعش يتخذونه ويتخذون من إحباطه وشعوره بالفشل واليأس، مطية لتنفيذ غاياتهم الوحشية، فيضخون إحباطه بجرعات متوالية مغلفة بالدين، مؤداها أنه إذا نفذ العملية الإرهابية، وذهب فداء لها، فأنه سيموت نقيا طاهرا كما ولدته أمه. فالداعشي في الغالب يكون محض جاهل وحديث الالتزام والتدين ؛ فهو يكون إما مدمن مخدرات، أو لصا، أو ممن أثقلت تاريخهم الفردي السوابق الاجرامية المخزية وغير الأخلاقية المعيبة، فيجد في ما يسميه الدواعش (الجهاد)، وهو محض فتك واغتيال، فرصته لأن (يتطهر)، ويقوم بالخلاص من كل تاريخه المخزي بالإقدام على هذه العملية الاغتيالية، التي يسمونها في قواميسهم (جهادية) . أي إنسان، مهما كانت ديانته، معرض لأن يصاب بمرض الاكتئاب النفسي، وقد تزداد درجة حدة هذا المرض إلى مرحلة يجد فيها المريض نفسه بدأ يفكر بالانتحار للخلاص من شعور لا يجد وسيلة للهروب منه إلا الانتحار. هنا يأتي دور الدواعش، والإنترنت، فالفكر الداعشي يقدم للمكتئب، مهما كانت أسباب وبواعث شعوره بالإحباط، فهو لا يقدم له علاجا دنيويا، وإنما يضع بين يديه حلا نهائيا يجعل جنة الفردوس تفتح له أبوابها، إنه (الاستشهاد) المفبرك الذي لا يتخلص به من دنياه التي كانت تعيسة - وأنما النعيم الدائم الأبدي. ليدخله إلى تخوم فضاءات تقول: النعيم الدائم يحتاج إلى ثمن باهض، مؤداه أن تنصر الله وتؤدي عملية قتل لأعدائه، فتستشهد وتفوز بالنعيم. المسألة فيما تبدو ساذجة، وبسيطة، ولا تنطلي على العقلاء، ولكن المرض النفسي، خاصة إذا تمكن من الانسان، وتوغل في أعماقه، يقدم على مثل هذه القضايا ببساطة.
إنها معادلة (ثنائية الموت والحياة)، التي تقوم عليها كل الكائنات الحية التي خلقها الله جل وعلا على الأرض، وجعلها ظاهرتين متعارضتين، لبقاء الحياة، ومن المعروف ان الكائنات الحية جبلت على الهروب من الموت والتشبث بالحياة فإذا تدخلت الايديولوجيا البشرية واستغلت الدين ومفاهيمه كوسائل ما ورائية، ليتم عكس هذه المعادلة الثنائية، يصبح الموت بدلا من ماهو (رعبا) تخافه وتخشاه الكائنات البشرية، يتحول إلى مطلب يبحث عنه الانسان هنا تختل معادلة الحياة وهذه أساس مشكلتنا مع الإرهاب المتأسلم الذي لاعلاقة له بصريح الدين لا من قريب ولا من بعيد
إلى اللقاء.