حفلات التكريم عرف جميل وفاءً لمن يستحق التكريم وتشجيعاً له وتحفيزاً لغيره في ميدان تميّزه.
ولكنها في تقديري تجري في الواقع -أحياناً- بعيداً عن هذا الهدف، فتجدنا نريد تكريم حفظة كتاب الله تعالى أو بعضه أو حفظة حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أو شيء من المتون العلمية أو غير ذلك من علوم الدين أو الدنيا أو مجالات التميز والإبداع.
تجدنا في كل ذلك نتكلف حفل التكريم واستعداداته وإخراجه، ويقام الحفل بأبهى حلة، وقد يُعجب الحضور بكل ذلك؛ لكن من كنا نريد تكريمهم ربما غفلنا عنهم وعن حقيقة تكريمهم ومن ثم تحقيق الأهداف الحقيقية من مثل هذا الحفل.
حضرت بعض تلك الحفلات وشاهدت بعضاً منها عبر الوسائل المرئية فلم أرَ أولئك الذين امتلأت إعلانات الحفل بهم (100 حافظ، 300حافظ، ....الخ) لم نرهم أحياناً في بعض الحفلات فلم يبرزوا بمكان عالٍ يوحي بمعاني التكريم، حيث يجب أن يكونوا هم المقدّمين لأن الحفل لهم وهم مادة الحفل ووقوده... أما بقية الحضور مهما كانوا فلا ينبغي أن يقدّموا عليهم وإن خشينا من الحرج فالمخارج (والسيناريوهات) كثيرة حيث يكون لهم مكان بارز يراهم جميع الحضور بأسمائهم ويبقى الصف المقدّم للضيوف في موضعه اللائق به.
ثم لا ينبغي أن نستهين بذكر الاسم وتقدم صاحبه لاستلام شهادته أو جائزته فإن ذكر الاسم بحد ذاته نوع من التكريم فإن خلا الحفل من ذكر أسماء هؤلاء المكرَّمين فلا معنى له؛ حيث إن بعض الحفلات تقتصر على ذكر عدد قليل منهم فقط، وإذا فرغ الناس من الحفل جمعوهم فقسموا عليهم شهاداتهم وجوائزهم، وهذا لعمري ليس بتكريم وليس هو مما يتحقق به الهدف من التكريم ولا من التشجيع ولا من التحفيز لغيرهم في ميدانهم.
ينبغي أن تكون أهداف مثل هذه الاحتفالات حاضرة عند إعدادها وإخراجها لا أن تتحوّل إلى استعراضات للكلمات لا حاجة لها بل يمكن أن تختصر كثيراً ويستغنى عن كثير منها بالمطبوعات التعريفية التي توزع على الحضور عادة وبالعرض المرئي (المختصر جداً).
وإن خشينا من إطالة الحفل بذكر الأسماء فليكن هذا هو المقصود الأهم ولنختصر غيره ثم لن نعجز عن ابتكار أسلوب يحقق الهدف ويراعي الزمن كمثل عرض الأسماء في لوحة شرف كبيرة أو شاشة إلكترونية يراها الجميع.. أو غير ذلك.
تقام بعض الحفلات في المساجد وتشتمل على عروض فيها أصوات وصور وإني وإن كنت لا أراه محرماً لكني أرى ألا تبتذل المساجد بمثل ذلك.
بل إما أن تكون بلا عروض حيث الأفضل منها والأعمق أثراً هو النماذج الحقيقية من هؤلاء المتميزين، وإما التعريف بالجهة المنظمة فتحققه المطبوعات؛ فإن كان ولا بد من عروض فلدى المصممّين من الأفكار ما يحقق الغرض مع محافظته على قدسية المسجد وروحانيته.
د. فهد بن عبدالرحمن اليحيى - أستاذ الفقه بجامعة القصيم