معالجة الفكر الضال لا تكون عن طريق أشخاص لهم تجارب سابقة في الغلو!! ">
حائل - خاص بـ«الجزيرة»:
أكّد فضيلة الدكتور أحمد بن جزاع الرضيمان أستاذ العقيدة المشارك ورئيس إدارة الأمن الفكري بجامعة حائل، أهمية تدريس العقيدة الصحيحة من أناس موثوقين، ليس عندهم عقدٌ نفسية، أو انتقامات شخصية، أو انتماءات حزبية، فالعقيدة الصحيحة أمان من الانحراف والضلال.
ونبّه دكتور الرضيمان في حواره مع «الجزيرة» إلى خطورة بعض التنظيمات والجماعات المنتسبة للإسلام رافعة شعاره وهي تلجأ للمكر والتخطيط ضد الدّين والوطن والمجتمع وقيادته، مشيراً إلى جملة أسباب وراء انسياق الشباب إلى أصحاب الفكر الضال منها: حداثة السّن، والجهل، مع الاجتهادات الفرديّة من بعض المتقاعدين والوعّاظ وطلبة العلم. وغير ذلك.
كما تناول الحوار وسائل الحماية للشباب من الفكر الضال.. وفيما يلي نص الحوار:
* مع أن المملكة العربية السعودية لا نظير لها في العصر الحاضر من جهة تطبيق الإسلام، ونصرة التوحيد، إلا أنها مستهدفة من تنظيمات وجماعات تدعي الإسلام، فما سبب ذلك؟
- استهداف المملكة العربية السعودية هو من جهات معادية للإسلام؛ وسبب ذلك هو ما ورد في أول السؤال من أن المملكة العربية السعودية تطبق الشريعة وتنصر التوحيد.
وما دعا أحد إلى التوحيد الخالص لله تعالى إلا عُودي وأوذي، كما قال ورقة بن نوفل للنبي صلى الله عليه وسلم (ما جاء أحد بمثل جئت به إلا عودي وأوذي).
وأعداء الإسلام سيسلطون سهامهم على من تمسك بالإسلام، ولن يعرضوا عنه إلا إذا ترك دينه، كما قال تعالى: {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ}.
وهذه التنظيمات والجماعات المنتسبة للإسلام، إنما هي فقط أدوات لتلك الجهات المعادية، ظاهرها الدعوة للإسلام، والغيرة عليه، وحقيقتها خدمة أعداء الإسلام، وقتل أهل الإسلام، واستهداف بلد التوحيد، المملكة العربية السعودية.
وتلك الجهات المعادية، لو أعلنت حقيقة هدفها، وهو أنها تستهدف المملكة لنصرتها للتوحيد، وتحذيرها من الشرك، لما انضم إليها أحد ممن ينتسب إلى الإسلام.
لكنها لجأت إلى المكر والتخطيط، فأنشأت تنظيمات هالكة، ترفع شعار الإسلام، وتستقطب مَن تغرّه وتخدعه الشعارات، والمقاطع التي تُبَث عبر وسائل التواصل؛ لتجنده ضد دينه ووطنه ومجتمعه وقيادته.
كما استثمرت بعض الجماعات المنتسبة إلى الإسلام، التي لا تُعنى بالتوحيد، وإنما تُعنى بالكراسي والمال، الذين إن أعطوا منها رضوا، وإن لم يُعطوا منها إذا هم يسخطون.
فالواجب على كل مسلم، ألا يكون ظهيرا للمجرمين، وألا تغره زخارف الأقوال والشعارات، ولينظر إلى الحقائق والبينات.
وليس لأحد من أهل الإسلام أن يُزايد على نصرة الدولة السعودية للتوحيد، فالتوحيد هو أساسها الذي قامت عليه منذ ثلاثمائة عام، ولا تزال، وستظل إن شاء الله تعالى.
مما جعل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- يقول:
«العداء للدولة السعودية عداء للتوحيد».
* لماذا انساق بعض شبابنا إلى أصحاب الفكر الضال، وصار ضد بلده ومجتمعه؟
- الواقع أن شبابنا -وفقهم الله- مع دينهم وقادتهم ووطنهم، وليسوا مع الأعداء ضد وطنهم ومجتمعهم وقادتهم، فهذا يأباه دينهم، وتأباه رجولتهم.
والذين انساقوا مع أصحاب الفكر الضال، لا يشكلون ظاهرةً، وإنما هي حالات قليلة لبعض الشباب، الذي انخدع بالشعارات والمقاطع، فصار مع الأعداء، وهو يحسب أنه يُحسن صنعا، ومع هذا، فإن أملنا بهم أن يرجعوا إلى رشدهم، وألا يستخفنهم الذين لا يريدون بالإسلام والمسلمين خيراً.
والتنظيمات التي صنعها أعداء الإسلام، تدرك ذلك، وتخشى من رجوعهم إلى الحق، ولذلك، فإنها تجعل وصاية على أولئك الشباب الملتحقين بها، فيصادروا رأيه وتفكيره، بل وحتى هاتفه المحمول يصادرونه، ولا يثقون به، فالمنضم إليهم، ليس له من الأمر شيء، وإنما تُديره جهاتٌ معادية للإسلام.
* وما الأسباب التي تجعل بعض الشباب ينجرف إلى أصحاب الفكر الضال؟
- لعل من أهم أسباب انسياق أولئك الشباب إلى أصحاب الفكر الضال ما يلي:
1- حداثة السن، ومتابعة وسائل التواصل التي تنشر المقاطع، والأناشيد التي صنعها الأعداء بدراسة وإتقان.
2- الجهل، وعدم الفقه في دين الله تعالى، وحفظ النصوص الشرعية بلا فهم، وحماس بلا ضوابط.
3- ما يعانيه بعضهم من تهميش أسري، وعدم قبول اجتماعي، يستغله الأعداء بملء هذا الفراغ، الذي يشعر به الشاب، ويوهمونه أنه قائد محنّك، ويطلقون عليه الألقاب والمديح.
4- تسويد المشهد أمام الشاب، وتضخيم الأخطاء، وحجب الإنجازات.
5- التلون والضبابية في مواقف بعض المتصدين للدعوة والتوجيه.
6- استفزازهم من بعض الكُتّاب والإعلاميين، الذين لهم طرح معادٍ للثوابت الشرعية.
7- مع أن كثيرا من أهل العلم والدعوة والخطباء والأساتذة قاموا بدور فاعل وناجح؛ إلا أن البعض (وأنا أحدهم) لديه كسلٌ في الوصول إلى الشباب، ومحاورتهم، واحتوائهم، وكشف الشبهات التي لديهم.
8- وجود مكاتب دعوية تعاونية كثيرة جدا، لها أوقاف بالملايين، ليس بها دعاة رسميون، وإنما أُسندت إلى متطوعين مشغولين بأعمالهم الرسمية الأخرى.
9- الاجتهادات الفردية من بعض المتقاعدين والوعّاظ وطلبة العلم، المتمثلة في منازعة الأمر أهله، والافتئات على ولي الأمر، وهيئة كبار العلماء، من خلال إخراج فتاوى وبيانات في قضايا الأمة المصيرية، مع أنهم كُفوا المؤونة، وكان الواجب عليهم أن يلزموا العافية، ويدعوا الأمر إلى العلماء الراسخين المكلفين بذلك من قِبَلِ ولي الأمر.
10- عدم وجود خطة استراتيجية للإعلام؛ لمواجهة الفكر الضال، وإنما هي ردود أفعال، إذا حصل حدثٌ، أقيمت حلقة أو برنامج له، بأسلوب رتيب، وأشخاص مكررين، وإذا انتهى الحدث؛ انتهت معالجة الفكر الضال.
* وكيف نحمي شبابنا من الفكر الضال؟
- هذا يسير على من يسّره الله عليه، ومن وسائل الحماية ما يلي:
1- تدريس العقيدة الصحيحة من أُناس موثوقين، ليس عندهم عقدٌ نفسية، أو انتقامات شخصية، أو انتماءات حزبية، فالعقيدة الصحيحة أمان من الانحراف والضلال.
2- لزوم وصية النبي -صلى الله عليه وسلم-، لحذيفة -رضي الله عنه-، وهي قوله -صلى الله عليه وسلم-: «تلزم جماعة المسلمين وإمامهم»، وكثير من الذين يقللون من شأن ولي الأمر، ابتلاهم الله بالسمع والطاعة لقادة الأحزاب والتنظيمات الهالكة، وهكذا كل من ترك الحق، فإنه يقع في الباطل.
3- الرجوع إلى كبار العلماء الراسخين في العلم.
4- قيام الأسر، والتعليم، والجامعات، والإعلام بدورهم في هذا السبيل، ورسم خطة استراتيجية تتكامل فيها الجهود.
5- احتواء الشباب، والقرب منهم، والإجابة عن الشُبَه التي يسمعونها.
6- بيان جهود الدولة، والقيادة، في خدمة الإسلام والمسلمين، والحذر من كتم الحسنات، وتكبير الأخطاء؛ لأن الشباب يتأثرون بما يسمعون.
7- ينبغي أن تستفيد الجهات التعليمية والإعلامية -في معالجة الفكر الضال- من تجربة «حملة السكينة» التي ترعاها وزارة الشؤون الإسلامية، ومركز محمد بن نايف للمناصحة، الذي ترعاه وزارة الداخلية.
8- أن يكف بعض الإعلاميين عن طرح ما يتعارض مع الثوابت الشرعية، وأن يَتركُوا الكلام في ذلك للعلماء الراسخين.
9- الاعتدال في معالجة الفكر الضال، فلا يُقبل أن يأتي شخص له تجارب سابقة في الغلو، فيكون خبيراً بالجماعات الإسلامية، فيحارب الإسلام، ويختزله في جماعته المنحرفة التي كان عليها، ويظن أن المسلمين كجماعته السابقة.
وإنما تكون المعالجة ممن عُرف بالاعتدال، والرحمة، والنظرة الشمولية، والسلامة من الأفكار المنحرفة.
10- استشعار المسؤولية، وما تقوم به الدولة من حفظ الدين والوطن والحرمات، ومعاونتها على ذلك، وتقديم المصالح العامة على المصالح الخاصة.