د. أحمد الفراج
تدور هذه الأيام معركة كبرى في أروقة الجهات العدلية، وذلك بعد أن تهجّم أحد المغرّدين على سيدة محترمة، وقذفها بأشنع الألفاظ، وقد كنا نتوقع ذلك، إذ إنّ هذا الشخص تجاوز كل الحدود في قذفه للمسؤولين والمواطنين بجرأة تنم عن ثقته بأنه سيفلت من العقاب!!، وهذا يستوجب التوقف طويلاً، فبعض المسيئين في وسائل التواصل الاجتماعي يشيعون بين الناس أنّ لديهم حصانة من العقاب، بحكم علاقاتهم الشخصية ببعض العاملين في الجهات العدلية!!، ويبدو أنّ المسيء الذي نحن بصدده الآن لن يفلت من العقاب هذه المرة، فالقذف، فوق أنه جريمة إلكترونية، يعتبر جريمة شنيعة، خصوصاً إذا وصل الأمر للأعراض، أو لإخراج المعتدى عليه من الملة، وجدير بالذكر أنّ الإساءات وصلت مراحل تستوجب الحزم، حتى لا نصل لمرحلة يصعب معها السيطرة على الأوضاع في فضاءات التواصل الاجتماعي المفتوحة.
تويتر يصح تسميته بكاشف الأخلاق، حيث إنه أنطق من كنا نظن أنهم على قدر كبير من التدين، والرزانة، والمسؤولية، والأخلاق الرفيعة، فقد تحزّب بعضهم، واستخدموا أشد الألفاظ سوءاً وسوقية، وأصبحوا أبواقاً ناطقة باسم الأعداء، فتجدهم يتهجمون على هذا البلد ورموزه. هذا، ولكن ما إن يتعلق الأمر ببلد آخر، من البلدان التي تدعم الحراك الحزبي المتأسلم، حتى يتحولوا إلى أبواق، تدافع حتى عن الباطل، ودونكم حملاتهم الكبرى لتسويق زعيم أقليمي، إذ على الرغم من إصرار هذه الزعيم على أنّ دولته علمانية، وأنه ملتزم بهذا المنهج، إلاّ أنّ الأبواق الحزبية السعودية تصر، من باب اللمز ببلدهم، على تسويق هذا الزعيم على أنه زعيم إسلامي، وأنّ دولته هي الحاضنة الكبرى للإسلام، وحائط الصد عنه !!، والغريب أنهم يتجاهلون، عمداً، أنّ هذا الدور الإسلامي، الذي يلصقونه بدولة أجنبية، وبزعيم أجنبي، هو دور حصري للمملكة العربية السعودية، باعتراف الجميع، فهي راعية الحرمين الشريفين، وملكها هو خادم الحرمين، وهي راعية الإسلام المعتدل، ولكن التحزّب يفعل أكثر من ذلك!.
المؤلم هو أنّ الألفاظ النابية، والشتم، والقذف أصبحت سمة لبعض المغردين، والأكثر إيلاماً هو أنّ بعض هؤلاء من المحسوبين على الوعظ والدعوة!!، وأربأ بكم أن أورد أمثلة على ذلك، ولكن لا بد أنكم اطلعتم على مثل هذه العينات التويترية، فأحياناً تقرأ إيحاءات جنسية شاذة جداً، لا يليق أن تصدر من فاسق، ولكنها للأسف تصدر من بعض من يتصدّر المشهد الدعوي من الحزبيين، والغريب أنك تجد من يدافع عن مثل هؤلاء، وهنا لا بد أن ندرك أنّ هناك خللاً فاضحاً في المنظومة الأخلاقية، وللعلم فمعظم أهل الفحش والبذاءة هم من المنتمين للحراك السياسي المتأسلم ، لأنّ هؤلاء لا يدافعون عن الإسلام، بل عن الحزب، وبالتالي فإنّ أخلاقهم ليست أخلاق الإسلام، بل أخلاق الحزب، والذي يبيح كل الموبقات والكبائر في سبيل نصرة الحزب ورموزه، ولكننا على يقين بأنّ الجهات العدلية المسؤولة ستكون على مستوى المسؤولية، وستعاقب كل من يسيء، بغضّ النظر عن المكانة المزعومة، فمن يخطئ يجب أن يحاسب، فنحن في النهاية في دولة قانون، وسننتظر ما تسفر عنه قضية المغرد المسيء مع السيدة الفاضلة، لأنّ الحكم فيها ربما سيكون هو الحد الفاصل بين زمنين، في مسيرة وسائل التواصل الاجتماعي، وإنا على أحر من الجمر لمنتظرون!!.