د. أحمد الفراج
ربما يخفى على كثيرين ذلك التاريخ المظلم من العنصرية والظلم والعنف، الذي لاقاه الأمريكيون السود، قبل أن يدلف الرئيس باراك اوباما إلى عتبات الأبيض، في حدث تاريخي عظيم، فقبل ستة وأربعين عاما فقط من فوز أوباما بالرئاسة، أي في عام 1962، حصلت أحداث جسام في ولاية ميسيسيبي الجنوبية، وهي واحدة من أكثر الولايات الأمريكية عنصرية حتى اليوم، وكان ذلك بسبب إصرار المواطن الأمريكي الأسود، جيمز ميريديث، على ممارسة حقه القانوني في دخول جامعة ميسيسيبي، والتي كانت تمنع قبول الطلاب السود، وقد أصر جيمز على حقه، مستغلا خطاب الرئيس جون كينيدي، بعد تتويجه رئيسا للولايات المتحدة، في عام 1960، وكان هدف جيمز، وهدف حركة الحقوق المدنية، هو الضغط على إدارة كينيدي للتحرك جديا في مواجهة ولايات الجنوب العنصرية، والتي كانت تتحدى قرارات الحكومة الفيدرالية فيما يتعلق بحقوق السود.
كانت جامعة ميسيسيبي تمنع قبول الطلاب السود، وذلك على الرغم من حكم المحكمة الأمريكية العليا، عام 1954، في قضية « براون ضد مجلس التعليم «، والتي تنص على أن الفصل العنصري في المدارس والجامعات العامة غير قانوني، وهو القرار الذي لم تأبه به ولايأت الجنوب العنصرية، وواصلت سياسة الفصل العنصري، ولذا تشجع الفتى الأسمر، جيمز ميريديث، مستندا على عزم إدارة الرئيس جون كينيدي لإقرار قانون الحقوق المدنية، وهو القانون الذي أقر فيما بعد، ويعود الفضل فيه إلى كينيدي، وليس إلى الرئيس ليندون جانسون، الذي وقع القانون بعد أن خلف كينيدي في الرئاسة، بعد اغتيال الأخير، فمواقف كينيدي مشهودة بهذا الخصوص، ومنها ما نحن بصدده الآن، فبعد أن أصرت جامعة ميسيسيبي على رفض قبول الطالب الأسود جيمز، ودعمها في ذلك حاكم الولاية العنصري، روس بيرنيت، اضطرت إدارة كينيدي للتدخل، وهو ما حدث فعلا.
أرسلت ادارة الرئيس كينيدي خمسمائة من قوات الجيش، لترافق الطالب الأسمر جيمز ميرديث أثناء تسجيله في الجامعة، وقامت مظاهرات عنيفة من قبل الطلاب البيض وأهاليهم، في الحرم الجامعي، اضطر معها الرئيس كينيدي لإرسال قوات الحرس الوطني للولاية، وقوات من الجيش لحماية الطالب المسالم الأسود جيمز ميريديث!!، وكان العنف حاضرا بقوة، فقد قام الطلاب البيض بإحراق السيارات، ورمي قوات الجيش والشرطة بالحجارة، وخربوا ممتلكات الجامعة، عدا عن الإصابات، فقد توفي شخصان، بعد أن أصيبا بالرصاص!!، وفي اليوم التالي، باشر الطالب الأسود جيمز ميريديث دراسته، تحت حماية قوات الشرطة والجيش، ويؤكد المؤرخون أن هذه الحادثة كانت اللبنة الأساسية لإقرار قانون المساواة في أمريكا، وقد تحمل الطالب الأسمر، جيمز ميريديث، كل التحديات، والإهانات، والعنصرية القاسية، وواصل دراسته حتى تخرج بشهادة جامعية، في تخصص العلوم السياسية، فهل تظنون أن طريق اوباما للبيت الأبيض كان مفروشا بالورود؟!!، وهل تعلمون أن الطريق الذي قاد أوباما لعتبات البيت الأبيض تم حفره بأظافر المناضلين السود الحقيقيين، مثل مارتن لوثر كينج، ومالكوم اكس، وجيميز ميريديث، وجون لويس؟، وأخيرا: من هو في رأيكم المواطن الأمريكي الأسود، الذي يستحق كرسي الرئاسة الأمريكية: جيمز ميريديث أم باراك اوباما ؟، وبانتظار إجابتكم!.