رقية الهويريني
الهــوس بالشهرة والسعي لها تودي بالمرء للمهالك، وأن يسعى لها جاهل فلا لوم عليه، ولكن أن يشغف بها من يحسب نفسه عالماً في الشرع فهي سقطة ولا ريب! وحينما يتصدى للدفاع عنه الجهلة والأتباع فهو لن يدرك مطلقاً حجم المهالك، ولن يحسب أعداد السقطات! طالما تبعها اعتذارات وأسف لحظي يسيئ للمنتسبين للعلوم الشرعية!
ولئن نشط بعض الوعاظ بالظهور المتكرر في وسائل الإعلام بهدف الدعوة واستجلاب الشباب من خلال القيام بالاستظراف وخفة الدم؛ فإنه من السخف العمد باستخدام عبارات خادشة للحياء وذات إيحاءات جنسية خالصة وفاحشة يأنف المرء ذو الذائقة السليمة من إعادتها كدليل على السقوط في مستنقع الوحل اللفظي! ولكنها كانت تدور حول التغزل على سبيل المزاح بأحد المشاركين ببرنامج دعوي، لا يمكن قبولها أو التسامح معها.
وما يؤلم أن مريديهم ومتابعيهم من الشباب المؤدلج والنساء الجاهلات، ممن يتلقون المعلومة منهم مسلَمة دون تمحيص، فما بالك حينما تكون عبارات يتداولها بعض الشباب (الدرباوي) فيما بينهم سرياً في جلسات لا تخلو من السفاهة وقلة الأدب وانتفاء العفة! وهاهم يسمعونها علناً على قناة إعلامية، ثم تطير بها وسائل التواصل الاجتماعي وتبثها مواقع اليوتيوب! لينقسم المجتمع بين مستهجن ومستنكر وبين مدافع قد تورط للتبرير له باللغو والمزاح، ثم يتبعها اعتذار علني وتوضيح وتعليل! وأن الليبراليين يتتبعون السقطات ويضخمونها!
والحق أن المرء قد يُبتلى فيستمرئ الفاحش من القول على سبيل التندّر الذي يسمو عنه أصحاب العفة من العقلاء، إلا أن السقوط يحدث حين يتم إظهار الخلاعة أمام الناس وعبر القنوات! والمحزن أن بعضهم يحذر مما لا يمكن وقوعه من لدن النفوس السليمة كالتحذير من خلوة الفتاة بوالدها والتشكيك بنواياه!
العجيب أن هؤلاء الوعاظ بدأوا مؤخراً يتقربون للشباب بهذه الأساليب ويتفوهون بالفاحش من القول والاستظراف الممجوج، وصار ذلك يتكرر منهم بحجة كسب القلوب، ولو فعلها غيرهم لشككوا به، وقد يتعرض للاستجواب والسجن بتهمة التحرش، ولكنهم يملكون الحصانة الاجتماعية التي تجعلهم يخوضون في كل فنٍ دون حياء لأنهم سيجدون من يتصدى للدفاع عنهم!
ولعل الله أراد بإظهار سخافات بعض الوعاظ وكشفهم؛ ليرفع الغطاء عن عيون المخدوعين، وليعيد المجتمع النظر بتجاوزاتهم والكف عن تعظيمهم، كما ينبغي التوعية والتنبيه حول تقديسهم، وعدم التطرف بالدفاع عنهم فهم بشر نال بعضهم من العلم، والعلم يهذب النفوس ويعلو بها نحو السمو وليس الإسفاف.