فهد بن جليد
مثل أي شخص آخر، أول ما تبادر إلى ذهني أنّ أهل هذه القرية السودانية (كُسالى) بطبعهم، ولا يحبون الاستيقاظ للعمل، يزداد هذا الشعور مع تداول صور (لأسرّة نوم) منتشرة على جنبات البيوت والشوارع؟!. لا أعرف من روّج لهذه الفكرة الخاطئة للربط بين (شخصية الزول) والكسل، فمن الظلم جعل (الكسل) عنواناً للأشقاء السودانيين، وهم مثال للعمل بجد وكفاح، وروحهم ومواقفهم المشرفة من قضايا الأمة خير دليل على ذلك، فكم نعرف من الأطباء والمهندسين والمحاسبين السودانيين النبلاء والجادين الذين حصدوا محبة واحترام الأوساط التي يعملون بها، كمثال للدقة والأمانة - سأحاول إكمال المقال بحيادية - دون الانزلاق في حبر حرب (مقالات الكسل) بين جعفر عباس وأحمد العرفج!.
أهل هذه القرية التي ربما أنّ اسمها يُعزّز للفكرة الخاطئة، ينخرط أغلبهم في أشقّ المهن (كالزراعة والفلاحة)، وما تلك (الأسرّة) التي وُضعت أمام بعض البيوت إلاّ لدعوة الغرباء, للجلوس وأخذ قسط من الراحة عند المرور بالقرية، فهي تعبير عن الكرم وحسن الضيافة، بل إنّ (ناس) هذه القرية يدافعون عن أنفسهم، ويؤكدون أنّ التسمية جاءت نتيجة (الأمان والطمأنينة) التي يشعر بها الأهالي والزوار دون الخوف على أنفسهم أو ممتلكاتهم، ولا يجب أن يدفعوا هم ثمن (الفهم الخاطئ) لهذه التسمية؟!. هناك عشرات الأسماء الغريبة (لأحياء وقرى وهجر ومناطق) من حولنا، يدفع أهلها بالفعل ثمن تسميتها، وربما أنّ واقعهم مغاير (لاسم المكان)، لذا كان العرب يحرصون على تسمية أولادهم، ودوابهم، وبيوتهم، والأزمنة التي تمر بهم، بأسماء يكون لها أثر عليهم في الشجاعة والكرم والمنعة و (الصبر) أحياناً !.
الخلاصة حتى نعيش الحياة اليوم (بحذر)، علينا التريث قبل الحكم على الشيء بمجرد (معرفة الاسم)، فالأسماء قد تخالف الواقع، أنظر للنجوم اللامعة في السماء يسميها العرب (الثريا والجوزاء) ليهتدوا بنورها، بينما حقيقتها (مظلمة)؟!.
بالأمس صحيت باكراً، وتناولت الإفطار في فوال ( شلالات نياجرا) بأحد الأسواق الخليجية الشعبية، أعجبني الاسم إلاّ أنني دفعت الثمن باهظاً بعد إصابتي بـ(تلبك معوي)، على طريقه مكالمات سويسرا التي كان يجريها (ناصر القصبي) عندما تقمّص (شخصية أبو عدنان)، تمنيت لو أنني (كمّلت نومي) كان أسلم لي!.
وعلى دروب الخير نلتقي.