هدى بنت فهد المعجل
مطلع كل عام ميلادي تنشط (كارمن قديح)، نشاط (ماغي فرح)، ويشترك معهما في النشاط الفلكي المغربي الشهير (عبد العزيز الخطابي) الذي (يُقال) إنه يعتمد على أسس علمية في إصدار توقعاته حتى لُقِّب من قِبل الصحافة المغربية (بنوستراداموس) العرب
..نظراً لتنبؤاته العديدة التي عرفت طريقها نحو التحقق على أرض الواقع .... من بينها تنبؤه باغتيال الرئيس المصري (أنور السادات) واغتيال (رابين) ووفاة (ياسر عرفات)، هذا بالإضافة إلى ما توقعه سنة 2007 عن تقلص مجموع الأصوات خلال الانتخابات التشريعية لنفس السنة والتي لن تتعدى فيها نسبة المشاركة 37%، وتوقعه سنة 2008 بحدوث الفيضانات في بعض المدن المغربية ورحيل بعض كبار الفنانين والأدباء.. وقد وصلت شهرته إلى العالمية حيث وصلت إلى مكتب التحقيق الفيدرالي الأمريكي، بعد تنبئه بأحداث الحادي عشر من سبتمبر، وقد حاولت القناة الفضائية الإسرائيلية الناطقة بالعربية استقطابه للعمل معها مقدمة له عرضاً مغرياً، وكان رفضه لهذا العرض موضوعاً إعلامياً دسماً تناولته وبإسهاب العديد من الصحف والمجلات الوطنية المغربية والأجنبية.
ولأننا ننجرف خلف نشاطهم متابعة، قراءة، اقتناء، استبشاراً وقلق تخوف كثفوا نشاطاتهم وحضورهم الإعلامي وأصبحت مؤلفاتهم الأسرع إلى الصدور فالنشر والتوزيع!! أما عني، كثيراً ما استُغللت مادياً وذهنياً من قبل الفلكيين (برضاي) وبدون ضغوطات منهم، حتى انتبهت وتداركت أمر محفظتي وهدأت ذهني فاكتفيت بتتبع تنبؤاتهم في مواقع (الشبكة العنكبوتية) بدافع الفضول دون أن آذن للإيمان بما يقولون بالتسيد على ذهني تسيداً تاماً كي لا أمتد مع مدّهم.. وأنجز حين جزرهم.. لكن ذلك لا يمنع في الحصول على ثقافة التنبؤ الفلكي والتوقعات خصوصاً أن غداً (بإذنه تعالى) مطلع العام الميلادي الجديد. علم الغيب هو من علم الله سبحانه وتعالى وحده، والدراسات الفلكية لا علاقة لها بعلم الغيب فهي تقوم على دراسة الكواكب والأجرام السماوية وتأثيراتها على الإنسان بناءً على منهج وأساس علمي، ويمكن لهذه التوقعات أن تصيب أو تخطئ كما هو الشأن بالنسبة للتوقعات الجوية؛ لأن الأمر النهائي بيد الله سبحانه وتعالى. لذا أرى أهمية فهم ما يجوز وما لا يجوز بشأن التوقعات الفلكية.. والتمييز أو التفريق بينها وبين علم الغيب، وأن يكون لدى الفرد وعي صحيح بثقافة الفلك وعلمه حتى لا يتهم كل تنبؤ بأنه تطاول على الذات الإلهية وامتهان قدرة لا يمتلكها سواه (سبحانه). أيضاً ينبغي الالتفاف والانتباه جيداً لـ «اللعبة الإعلامية» في استغلال ذهن المتلقي بصورة خاطئة، أو ناقصة، وربما مشوهة..!! (ماغي فرح) (تحرص على إنزال كتابها إلى الأسواق قبيل بدء السنة الجديدة بشهر على الأقل. وغالباً ما تنفد طبعاته في الشهرين الأولين من السنة، لتعيد طباعته ثانية.!!). الكتب الفكرية والثقافية قلما ينالها الزخم الإعلامي الذي ينال أمثال كتب الأبراج والفلك والتوقعات الفلكية وأشباهها، التي وإن قدمت لـ(ذهن المتلقي) لن يكون تقديمها بمستوى ما تقدمه مؤلفات الفكر والثقافة! ولم آت بجديد ولكن الأمر معضلة ينبغي تكرار التطرق لها بوجه أو بآخر.
(ماغي فرح) أول من درس علم الفلك وعلاقة الكواكب بالأبراج، فاستطاعت توظيف دراستها بشكل مدروس حتى نالت ضجة إعلامية حرّضت الكثيرين على اللحاق بها والانخراط فيما انخرطت به!! فكيف نصنع فكراً وثقافة وأي صنعة إعلامية نحتاجها؛ تمكن من سير كوكبة من الأشخاص في الطريق ذاته؟!
وإن كنت مهتمة بـ(علم الفلك والأبراج) وتوقعات الفلكيين إلا أنه يؤلم غيرتي الثقافية عدم الاتزان والموازنة من قبل البعض في تلقي الثقافة بتنوعاتها وتفرعاتها ثم صهرها في بوتقة ما يصح عقلياً وما لا يصح..!! الأعوام تترى..!! والماضي لا يعود!! ينبغي أن نفهم ذلك ونعيه جيداً، جيداً.