يوسف المحيميد
منذ سنوات، وفي خطوات إصلاحية، تمت الموافقة على إنشاء أقسام نسائية في الوزارات ومؤسسات الدولة، لهدفين مهمين، الأول تسهيل إجراءات النساء، وإنجاز مصالحهن بأنفسهن، وذلك بالتعامل مع موظفات في القسم النسائي بهذه الوزارة أو تلك، والثاني هو تخفيف معدل البطالة لدى المرأة التي نالت حتى ممن يحملن شهادات دراسات عليا في الماجستير والدكتوراه، رغم أن مثل هؤلاء يفترض أن ينافسن على المناصب القيادية في الدولة، لا أن يبحثن عن وظائف، كما لو كنّ خريجات المرحلة الثانوية أو المتوسطة، وهن ممن أفنى عمره في الدراسة والبحث، بحلم خدمة الوطن، ورد الجميل له!
أكتب ذلك، وأنا أتذكر خبراً في صحيفة بحرينية قبل يومين، يتحدث عن إنجاز هو الأول في تاريخ العرب، بانتخاب الإماراتية أمل القبيسي رئيساً للمجلس الوطني الاتحادي للإمارات العربية المتحدة، لتصبح أول امرأة تتولى منصب رئاسة مؤسسة برلمانية في تاريخ العالم العربي، وغير ذلك كثير، سواء في دول الخليج، أو حتى في المملكة، بدخول ثلاثين عضوة في مجلس الشورى، واستلام بعض المناصب القيادية ذات العلاقة بمؤسسات أو جامعات مختصة بالمرأة.
رغم ذلك، ورغم أن الدولة أقرت الأقسام النسائية في الجهات الحكومية، إلا أن كثيراً من هذه الجهات لم تكترث، ولم تقم بتوظيف نساء، ولم تنشئ مكاتب نسائية مستقلة، وبقيت هذه الوظائف محفوظة لهذه الجهات، التي تخصها لدى وزارة الخدمة المدنية، دون معرفة السبب، ودون مساءلتها من قبل الجهات الرقابية المختصة.
في المقابل، مقابل الحاجة الماسة لتوظيف المرأة في الوزارات، للسببين المذكورين مطلع هذا المقال، تمتلئ الجهات الحكومية بموظفين بلا عمل، أي بطالة مقنَّعة، فلا يقومون بأي دور، وإنما يتغيب معظمهم بالأيام والأسابيع، دون أن يشعر بهم أحد، ودون أن يختل أو يتراجع الأداء الحكومي في هذه الجهات!
إنني على ثقة تامة، بأننا في عصر سلمان، عصر المحاسبة السريعة، والرقابة على الأداء والإنجاز، وسرعة التنفيذ ودقته، قادرون على نفض غبار هذا الملف، ملف توظيف المرأة في الوزارات والمؤسسات والهيئات العامة الحكومية، وفرض إنشاء الأقسام النسائية في الجهات التي لم تقم بذلك بعد، والتوظيف الفوري للكفاءات النسائية المناسبة على وظائفهن المجمَّدة في بعض الجهات، ودعم الجهات التي نفذت التوظيف فعلاً، باستحداث المزيد من الوظائف النسائية فيها، أو تحوير الوظائف الرجالية المجمَّدة إلى وظائف نسائية نشطة، يتم توظيف الكفاءات النسائية عليها... ومرة أخرى، ما لم تشارك المرأة في تنمية أي مجتمع، فسيظل هذه المجتمع يسير ببطء نحو التنمية، وبقدم واحدة فحسب!