يوسف المحيميد
ما معنى أن نكون البلد العربي الوحيد ضمن قمة مجموعة العشرين الأكثر قدرة ونفوذاً في العالم؟ ما معنى أن نذهب للقمة بشعور جديد ومختلف بأننا نملك قدرات اقتصادية من شأنها التأثير إيجاباً على الاقتصاد العالمي؟ وما معنى ألا نكون في أنطاليا بالجمهورية التركية فحسب، بوصفنا أحد أكبر اقتصادات العالم، وإنما نكون أيضاً في فيينا لمعالجة الأزمة السورية، بوصفنا قوة إقليمية ومؤثرة في السياسة العالمية المتعلقة بالشرق الأوسط؟
وما معنى أيضاً أن تستضيف هذه العاصمة العظيمة قمة مشتركة بين الدول العربية ودول قارة أمريكا الجنوبية؟ ويصدر عنها بيان يتعلق بأهم الأوضاع السياسية في المنطقة، كالوضع في اليمن، وفي سوريا، فضلاً عن اتفاقيات التعاون الثنائية بين مختلف الدول العربية واللاتينية؟
ما معنى كل ذلك؟ أن يلتفت العالم كله، بمختلف أقطابه، نحو هذه البلاد، من (الصين) شرقاً، حتى (روسيا) شمالاً، و(أمريكا) غرباً، والدول المؤسسة لمجموعة العشرين كافة، ودول الاقتصادات الناشئة، نحو هذه البلاد التي تسير وتنمو بشكل متوازن، تسير سياستها خارجياً وداخلياً واقتصادها بشكل عقلاني وحكيم.
ففي الأعوام التي تلت عام ما يسمى بالربيع العربي كانت هذه البلاد تنعم بالاستقرار، وكل ما يحيط بها يصطخب ويضطرب، بينما هي خلال السنوات الثلاث، منذ 2011، تلتحم قيادة وشعباً. هذا على المستوى السياسي والأمني. وفي منتصف العام الماضي 2014 بدأت أسعار البترول تتدهور، وتعثرت مشروعات نفطية كثيرة، وأوقفت استثمارات في مختلف مناطق العالم، بينما هذه البلاد تسير بثبات في مشروعاتها، بل تتوسع أكثر، وتتمدد في حقول جديدة، سواء في البترول، أو الغاز، أو المعادن، وغيرها من الصناعات الوسيطة والنهائية المرتبطة بهذه المصادر، حتى أصبحت هذه البلاد لا تسير بقدمين، هما البترول والبتروكيماويات، بل هي تراهن على ابتكار أقدام جديدة، تسير عليها في المستقبل المنظور، على رأسها نشاط التعدين.
في الداخل يعمل المخططون على تقوية الاقتصاد، ودعم شباب وشابات الأعمال، ومشروعاتهم الصغيرة والمتوسطة. وفي الخارج تفخر بلادنا بأنها على استعداد تام، وفي كل الأوقات، وتحت كل الظروف، للتعاون مع جميع الدول المنتجة الرئيسة للبترول، على تحقيق التوازن للسوق البترولية، وأنها قادرة على توفير المزيد من الإمدادات البترولية عند الحاجة لها، وأنها عامل مؤثر في الاقتصاد العالمي كله، وتمتلك موازين تجارية كبيرة مع معظم اقتصادات دول العالم.
هكذا نسير نحو قمة العشرين، ونقود قمة الدول العربية ودول أمريكا اللاتينية، وغيرها من القمم، على مستويات سياسية واقتصادية عليا، ونملك التأثير سياسياً واقتصادياً على الخارطة الدولية. هكذا تكبر الأوطان، وتصبح أكثر شموخاً، واعتداداً، واعتزازاً.