ناصر الصِرامي
علينا أن نتذكر دائماً أن هذا الإرهاب البشع المدثر بعباءة الإسلام لم يضرب ويهاجم بلاد في الكون كما فعل مع المملكة العربية السعودية من التسعينات الميلادية.. ولم تتضرر بلد في الدنيا كما تضررت السعودية من الإرهاب وجماعاته. ولنتذكر أيضاً أن الهدف النهائي للجماعات الجهادية والتكفيرية الإسلاموية هو الحرمان الشريفان، رمز العالم الإسلامي، ومبتغي الخلافة الكاذبة المزعومة.
لكن في الوقت نفسه لم يتورط في العمليات الإرهابية وتمويلها من أي جنسية بقدر ما تورط به سعوديون مختطفون فكرياً ودينياً.
معادلة محيرة ومزعجة أيضاً. صحيح أن التعاطف والتبرير للإرهاب أصبح أقل من السابق علانية على الأقل.. لكنه - للأسف - ما زال موجودًا بطرق مختلفة.
إلا أن الإرهاب ورفضه ومواجهته يجب أن يكون شاملاً ولا يتجزأ أو يُبرر بأي حال.
الإرهاب في لبنان والعوامية وباريس وسوريا والعراق واحد، وما تهدد به الجماعات المسلحة والمليشيات مهما كان مذهبها، وما تهدد به وفي مقدمتها داعش، وما ترسله من رسائل مفخخة لنيويورك وروما ولندن وواشنطن، وما فعلته في باريس، وأكثر من مرة في الرياض والكويت والدمام وجيزان، من قتل المدنيين في المساجد، والمقاهي والشوارع والميادين العامة، وحتى في حفلة للموسيقى هو بالدرجة نفسها جريمة إرهابية.
والخطر هو في من يحاولون إيجاد تبرير أو استثناء لهذه العملية أو تلك طبقاً للمكان والزمان. هذا الاستثناء إذا بدأ وأصبح مقبولاً لن يتوقف، وسيصبح لكل جريمة إرهابية ضد المدنيين والأبرياء تبريرها من قبل فريق آخر، وتعاطف من فريق مضاد.. وهكذا..
يجب أن نؤمن دائماً أن تبرير الإرهاب هو إرهاب، وهو عون وتشجيع لجرائمه، وأن أصحاب خطاب الإدانة للإرهاب المتبوع بـ(لكن)، هم يحملون في الحقيقة ويروجون لهذه الاستثناءات المفخخة..كجزء من تكتيك التبرير للقتل والتفجير والعنف، بل ودعم له. وهو أمر يحقق نصر وتفوق وأهداف الجماعات الإرهابية.
نحن في السعودية التي طالما عانينا من الإرهاب وفكره ومموليه ومنظريه وأصحاب الفكر التكفيري لنحو ثلاثة عقود، يفترض أن حجم ما أصابنا من صدمات يجعلنا أكثر استنكارًا للإرهاب والقتل والتفجير الذي تمارسه هذه الجماعات من القاعدة إلى داعش، بل وأن نكون في صدارة الجبهة العالمية للحرب عليه شعبياً ورسمياً.
صحيح أن حكومتنا تقوم بجهد كبير أمنياً وسياسياً على المسرح العالمي، بل وأسهمت في إحباط محاولات في أكثر من بلد عربي وغربي، وأسست مركزاً دولياً لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة.
إلا أن الثقافة العامة الاجتماعية تحتاج إلى المزيد من الزخم والعمل، من أجل سد الفجوات التي يتسلل منها دعاة الإرهاب وممولوه ومجندوه والمبررون له.
هؤلاء ليسوا مع الإرهاب وحسب، بل ضد وجودنا كدولة وكيان، وضد أي خطوة تأخذنا للبناء والتنمية والمستقبل كجزء لا يتجزأ من العالم وإنسانيته.
وهؤلاء لا يسرهم أبداً، كما أنهم لا يفهمون أن تكون المملكة دولة حاضرة في مقدمة مواجهة عدوها الأول وعدونا جميعاً من القاعدة إلى داعش.. الإرهاب بوحشيته وظلاميته.