ناصر الصِرامي
ما حدث في باريس هز العالم، بطريقة تكاد تذكرنا بأحداث نيويورك الشهيرة، هذه المرة العنوان مختلف، وإن كانت الفكرة الشريرة هي ذاتها، فالعنوان تحول من القاعدة لداعش، وللقاعدة كان هناك رموز معروفين، وتنظيم له شكل يمكن تلمسه. لكن مع داعش تبدو الأمور اكثر هلامية وتعقيدا في الوقت نفسه.
فالفكرة المسمومة الجاذبة للنفوس الشريرة، هي فحوى التنظيم وعنوان يتجمع تحته كل عمل إرهابي بخلفية إسلامية للأسف!
داعش تنظيم لا يختلف فكريا عن القاعدة، وإن اختلف التمويل والنفوذ، والتجنيد، لكنه يبدو اكثر توحشا ومجازفة، وقدرة على تجنيد الأجساد المفخخة، أجساد تحمل فكرة الشر المسمومة داخلها لتتحرك خارج الدولة، وخارج القانون الدولي. إنها في النهاية عبارة عن مليشيات مسلحة ضد فكرة الدولة الوطنية، وضد الإنسانية بالمجمل.
سابقا كان هناك قوى ثورية وانفصالية في أكثر من بقعة من العالم إلا أنها انحصرت اليوم في مساحة محددة من هذا الكوكب، في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، في المنطقة العربية والإسلامية تحديدا.!
الفكرة الجهادية التي ولدت في أفغانستان سياسيا، لم تعد محصورة في تلك الجبال البعيدة، التي ما زالت تعاني بعد كل هذه العقود من وضع أمني صعب ومتفجر.
لكنها اقتربت اكثر منا في سوريا والعراق, حيث تتحرك داعش وتمارس فنون توحشها في مواجهة أنظمة ضعيفة ومضعضعة، وغير قادرة على المواجهة.
بل إن تلك التنظيمات أصبحت اليوم تضرب في قلب أوروبا بعد أن فعلت ذلك في الجزء الآخر من الكرة الأرضية، حيث الولايات المتحدة الأمريكية.
الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز حذَّر في كلمة شهيرة من التباطؤ في مواجهة الإرهاب، مواجهة داعش تحديدا، وقال بوضوح إنها ستصل إلى أوروبا وثم أمريكا، دام العالم مترددا في مواجهة إرهاب هذه الجماعة ومن يدور في فلكها.
ما قاله الملك عبدالله تحقق في أوروبا الآن، وها هي العواصم الأوروبية ترفع درجة استعداداتها الأمنية لأعلى مرحلة، أمر كان يجب أن تبدأ فيه مبكرا.
إلا أن ما حدث في باريس، وتفجيرات باريس هي جرس إنذار قد يكون الأخير للمجتمع الدولي، فالحرب العالمية على الإرهاب يجب أن تنطلق الآن، حرب ستكون أقرب للحرب العالمية الثالثة، ولكنها بالتأكيد مختلفة عن الحربين السابقتين في صيغتها التقليدية.
الملك سلمان بن عبدالعزيز قال إن «مجزرة باريس الشنعاء لا يقرها دين ولا عقل. الإسلام بريء من هذه التصرفات». ودعا العالم مجدداً لتكثيف الجهود في محاربة الإرهاب.
ليس امام العالم اليوم الآن، ومجددا، إلا أن يتحالف لحرب طويلة على الإرهاب والتطرف ومؤسساته المعروفة، ودول الشر التي تحتويه، نعم إنها حرب عالمية مفتوحة على الإرهاب والتطرف، هي الحرب العالمية الثالثة.. من أجل السلم العالمي، ومن أجل الحفاظ على المكتسبات الإنسانية العظيمة في كوكبنا ضد قوى الظلام والتوحش والقتل.