رقية الهويريني
ما إن يحل الشتاء حتى أتوجس خيفة من نزول المطر، وتسكنني حالة من القلق رغم استبشار الناس بانهماره! ولو يعلمون أو يدركون أو يستشرفون مخاطره لأصابتهم حالة اسميها (متلازمة هطول الأمطار)!
والطبيعي أن المطر في الأصل من بشائر الخير والرحمة وبخاصة في البيئات الصحراوية، وهو مظهر حيوي ضروري لاستمرار الحياة، كما هو رزق يهبه الله للأرض كي ترتوي فتخضر وينبت العشب وتأكله الحيوانات، وقد تنعدم الحياة في المناطق التي تعاني قلة سقوط الأمطار، حيث يساهم المطر بمنع فقدان التربة السطحية قيمتها لأنه يوقف تمدد العواصف الرملية، وتساعد الأمطار على تنظيف الهواء من الغبار والملوثات الكيميائية، ولكنه في ذات الوقت يمكن أن يكون ضاراً مثل ظاهرة المطر الحمضي التي تتشكّل عندما تتفاعل الرطوبة مع أكسيد النيتروجين وثاني أكسيد الكبريت بعد انبعاث هذه المواد الكيميائية من المرْكَبات والمصانع ومحطات توليد الطاقة، فتعمل هذه الأمطار على تلويث مياه البحيرات والجداول والحقول وتسبب تلفاً للمحاصيل والأشجار. كما أن كثرة الأمطار وشدتها قد تسبب الفيضانات وتدمر الممتلكات، وتحْدِثُ اضطراباً في الاتصالات.
أما سبب الحالة النفسية التي ترافق سقوط الأمطار بعيداً عن الأجواء الرومانسية التي يعيشها الناس فلأن بلادي رغم تعطشها للمطر إلا أنها لا تستعد له ولا تستقبله كما يستقبل الكريمُ ضيوفَه، فكأنه وافد غريب لا يكاد يزورها إلا كل نصف قرنٍ أو يزيد! فحالة المفاجأة والارتباك صار ديدن جميع أمانات المناطق وبلديات المدن! فهذه أنفاق قد امتلأت، وهذه سيارات تغرق، وتلك شوارع تطفح!! حتى تحول من نعمة إلى نقمة وورطة لعدم وضع خطط لمواجهة الأمطار التي تهطل بكميات غزيرة، ولانعدام وجود شبكات تصريف مجهزة أو لتعطلها، فتبدأ جهود ذاتية من السكان يتبعها استنفار لشفط المياه بعد أن تغلق الشوارع ثم تشكّل فرق العمل الميدانية للقيام - متأخراً - بنفس المهمة!! ويتزامن معها تكوين لجان لتقصي أسباب تجمع المياه وتحميل بعض الشركات تبعاتها.
وليت أمانات المناطق وبلديات المدن تتنبه وتسعى لمنع وصول الأتربة والمخلفات إلى شبكة صرف مياه الأمطار لأنها السبب الرئيس في منع جريانه، من خلال استخدام أجهزة الضغط التي تقوم بتوزيع المياه ودفعها إلى الخطوط الرئيسية حتى في حالة هطول الأمطار لعدة أيام متواصلة. وهذا لا يتم حال نزول المطر، بل يستوجب أن تكون صيانة دائمة ليصبح نعمة نستمتع بها وليس نقمة نحتار فيها... فلا نجد الحلول ثم نقول: لا توجعنا يا مطر!!
***
خالد المالك ربانٌ يقود جزيرة!
يتمدد ويطول بعيداً عن قياسات الأطوال... بيد أنه لا ينحني!!
يكبر دون أن يشيخ!!
يتضخم بشموخ، دون تورّم..
فالتورّم ما هو إلا تكبّر، والأستاذ خالد لا يعرف هذه الصفة..
وقد سرّني وزملائي الكتَّاب والكاتبات والصحفيين والصحفيات حصوله على جائزة «البحر الأبيض المتوسط للإعلام» لهذا العام 2015م، وهو ما أسعدني حقاً، وأبارك له هذا التكريم الدولي الرفيع الذي يُضاف لسجل تاريخه الإعلامي الحافل بالإنجازات، كما هو تكريم للصحافة السعودية وتتويج للعمل الصحفي المتمرس والمسؤول في بلادنا. فإلى ربان سفينتا، التحية والامتنان على ما حظيت به الجزيرة من مكانة عالية ومنزلة رفيعة.