عمر الغامدي
التدريب أمره عجيب
عالم التدريب أمره عجيب فكرة القدم اليوم أصبحت فكراً مقترناً بالموهبة وأعتقد أن المدرب الجيد يصنع فريقا جيدا في حين أن المدرب السيئ سيدفع بفريقه للأسوأ، حتى لو كانت لديه أفضل العناصر .. أما تجربتي مع المدربين فقد كانت ثرية فعند تسجيلي بالهلال وبتوصية المدرب البرازيلي كامبوس لم أكمل شهرين حتى انضممت لمنتخب الشباب وهنا كانت الأمور مختلفة فمدرب منتخب الشباب آنذاك الهولندي بيتر هامبرج، صنع مني لاعبا، أتجه نحو الطريق الصحيح فقد كان يهتم بتفاصيل دقيقة في الملعب مثل أين تقف وكيف تتحرك وماذا تفعل عندما تكون الكرة في حوزة فريقك أو العكس، وإلى أي جانب تميل عند الدفاع ومتى تساند الظهير وكيف تتناوب مع زميلك الآخر في التغطية، وكذلك الأمر في الكرات الثابتة.
أجزم بأني لم أكن المستفيد الوحيد من ذلك المدرب فقد كان مخلصا في عمله ومحبا له ويتحدث معنا بأسلوب احترافي ويوقف التدريب في كل مرة ليوجه اللاعبين عن اخطائهم، وقد استطعنا النجاح معه والوصول لكأس العالم في نيجيريا، وكان معنا من زملائي اللاعبين في المنتخب الزملاء صالح الصقري وبدر الحقباني وفوزي الشهري وفهد الزهراني وعلي يزيد وبندر المطيري ومناف أبوشقير وغيرهم من الزملاء، أيضاً من المدربين الذين صنعوا في داخلي المزيد من الثقة والتحدي هو المدرب التونسي عمر المزيان الذي دربنا في شباب الهلال وقال لي (يا عمر مكانك شاغر في الفريق الأول).
وأتذكر أن أحد اللاعبين آنذاك سخر مني وقال لي ما نصه ( أنت مجنون تلعب في الفريق الأول مع هؤلاء اللاعبين ) وكانت كلماته مستفزة لي إيجابيا وصنعت في داخلي تحديا كبيرا ونجحت ولله الحمد ، وكذلك لن أنسى المدربين بلاتشي ويوردانيسكو فالأول منحني جواز العبور إلى الفريق كلاعب أساسي في حين أن يوردانيسكو فجر طاقاتي باختياره لي المكان المناسب وتفضيله لي على لاعبين آخرين، وكان يوردانيسكو مدربا فنيا رائعا، وكذلك نفسي من طراز فريد، فهو يهتم بنفسية اللاعب.
ومن المدربين الذين أبهرتني تدريباتهم المدرب البرتغالي بوسيرو، فهذا المدرب كان يقدم لنا كل يوم تدريبا جديدا، وكل تدريب يضيف للاعب ويطور من مستواه، وكانت تدريباته اليومية مثار اهتمامنا كلاعبين في الهلال فهي تدريبات غير تقليدية على الإطلاق، بل فيها ابتكار وتفاصيل فنية رائعة، ولكن هذا المدرب لم يستمر على الرغم من صدارة الفريق عند إقالته.
برودوم..!
في السنوات الأخيرة لي بالملاعب لفت نظري المدرب الروماني كوزمين، وكذلك البلجيكي برودوم الذي فاز معنا في السنة الأولى لحضوره لتدريب الشباب ببطولة الدوري، وهذه البطولة لم تكن لتتحقق لو لم يكن لدينا نظام فرضه هذا المدرب القوي، فبقدر ما كان مدربا قويا وصارما إلا أنه عند الحديث معه تجد رجلاً يتفهم منك ويتقبل الحديث والنقاش، برودوم نجح في صناعة نظام بالنادي فقد كنا أشبه بالموظفين بقطاع خاص وليس بلاعبي كرة قدم، فقد كنا نحضر منذ الصباح ونتدرب ونبقى في النادي حتى المساء، وكان ينوع في البرامج التي توضع لنا يومياً، وكذلك عشنا فصولاً قوية في المنافسة مع الأهلي على البطولة.
وكان برودوم ذكيا في تعامله مع المباريات وأعتقد أنه مدرب ناجح لأنه وظف اللاعبين بالشكل الصحيح، فكانت الخطوط متقاربة والأداء واضح لدرجة أننا حفظنا أماكن تواجد كل لاعب أثناء المباراة.
هذه بعض الأمثلة للمدربين الناجحين وهنا لم أحصرهم كلهم.
وآمل في ختام هذا المقال أن أوفق في أن أكون مدربا ناجحا مستقبلا فالتدريب متعة كبيرة.