ناهد باشطح
فاصلة:
((الحق كالنار عندما نحاول تغطيته يحترق))
-حكمة عالمية-
لم أتفاجأ عندما قرأت تصريح المشرف العام على فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بمكة المكرمة سليمان بن الزايدي عن «أن نسبة من يعرفون حقوقهم في المجتمع السعودي 12% فيما هناك ما نسبته 88% من المجتمع لا يعرفون حقوقهم وذلك من خلال دراسة مسحية تمت منذ فترة»
لأن عدم معرفتنا بحقوقنا أمر بديهي في ظل عجز المؤسسات التربوية عن تأسيس ثقافة الحقوق في وجدان أفراد المجتمع بدءاً من الأسرة مروراً بالمدرسة وانتهاء بوسائل الإعلام.
وهي حالة شبه عامة في المجتمعات العربية اتذكر بحثا قديما عن المجتمع العربي للدكتور «هشام شرابي» ذكر فيه مثالا يبين فيه فروقات القيم التربوية بين العرب والغرب، وتحديداً في تعليم الأم لابنها قيمة المطالبة بالحق وعدم الاستسلام للظلم.
الطفل الصغير يعود من المدرسة باكيا لأن زميله في الفصل انتزع منه شيئا من حاجياته الخاصة
الأم الغربية تقول لابنها لا تبكي عد إلى المدرسة واسترجع ما سلبه منك زميلك.
أما الأم العربية فتطبطب عليه وتقول له إذا جاء والدك سنخبره.
الأم الأولى تعلم طفلها كيف لا يسكت عن الظلم أما الأم الثانية فتعلمه معنى الاستسلام للظلم وإنه دوما بحاجة إلى شيء ما شخص كان أو شيء رمزي ليعيد اليه حقه، لذلك كبرنا وثقافة الحقوق لدينا غائبة.
الأخطر من معرفة الحقوق أن نعرفها ولا نطالب بها وهي موجودة للأسف لدى النخبة والمثقفين في المجتمع فضلا عن وجودها في وسط عامة الناس.
قد نتفهم ألا يطالب الإنسان البسيط بحقوقه فقد طحنته أحداث الحياة وأماتت فيه روح النضال لكن العجيب أن يفعل المثقف ذات السلوك مع أنه يطالب في كتبه ومقالاته بتأسيس ثقافة الحقوق في المجتمع.
إذا كنا لم نتعلم في طفولتنا معنى الكفاح والتعب لأجل أن نحظى بما نريد، فالحياة لا تتوقف عند طفولتنا ويفترض أن مساحات الوعي تكبر عند تزويدها بالعلم والتعلم فلماذا لا يستطيع المثقف المطالبة بحقوقه؟.
هذا السؤال يجرنا إلى تكوين المثقف وشخصيته الثقافية وأهمية تصالحه مع ذاته.
ربما إن الأمر لا يحتاج إلى عقل مثقف بل يحتاج إلى روح إنسان نضالية أيقنت بأن القدرة على الحياة لا تستقيم مع المظلم.
سواء كان الفرد أميّاً أو مثقفا إيمانه بحقه يدفعه إلى التمسك بالمطالبة به ولا عزاء للمثقفين.