الكثير منا يُرِيد أن يزيد من التزامه بفعل الأمور المفيدة كالرياضة والقراءة. كما يريد أيضاً أن يلتزم بترك الأمور الضارة كعادة التدخين والأكل غير الصحي. دائماً ما نتمنى ذلك وندَّعي أننا نفعل ما نريد في البداية ولكن مع مرور الوقت يخف التزامنا بما نريد. لن يكون هناك التزام دائم ما دام العقل لم يغذ لهذا الالتزام فهو المحفز الحقيقي والأكثر فاعلية للمداومة على أمر ما. تثقيف العقل والتدرج في التنفيذ والتخيلات الذهنية للنتائج الايجابية لهذا الالتزام هي من أهم العوامل المساعدة على المثابرة على الالتزام.
أنعم الله علينا بنعمة العقل وهي التي ميز الله بها بنو آدم عن سائر الخلق. ويعد التحكم بالعقل والسيطرة على أهوائه من الأمور بالغة الأهمية لكي ينجح الإنسان في حياته. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هل وجدت نفسك فاقدا للالتزام بأمر ما وغير قادر على الاستمرار؟ هنا يجب أن نبدأ بتغذية عقولنا وتهيئتها لهذا الالتزام ويجب معرفة فوائد ومضار أي سلوك بعمق أكثر, حيث إن داخل كل إنسان قدرة داخلية تمكنه من السيطرة على نفسه والتحكم في تصرفاته. فكي نواصل على القراءة علينا أن نقرأ عن فوائدها ولترك التدخين علينا أن نعرف أكثر عن مضاره.
إن أهمية توعية العقل لا تقل عنها أهمية الشعور بالعمل ولكن الأهم من ذلك البداية الصحيحة, فالعملية التطبيقية للإلتزام من الأفضل أن تكون بشكل تدريجي وعلى سبيل المثال: الكثير منا يشترك في النادي الصحي مرة ومرتين أو حتى ثلاثاً وفي كل مرة لا يتعدى التزامه عن بضعة أيام ثم يتركه, نجد السبب هنا هو الحماس غير المدروس في التطبيق, حيث يجهد نفسه في أول يومين بالتمارين ويبقى مجهد العضلات لمدة أيام ويعتقد أن هذا الشعور البائس هو شعور دائم لكل من يذهب لنادٍ صحي ثم يعزم على تركه, بينما في الجهة الأخرى شخص يشترك في النادي ويقضي أول أسبوع في التعرف على النادي وأنشطته ويقوم ببعض التمارين الخفيفة حتى يتعود جسمه وعقله على هذا الفعل وبعد ذلك يواصل بالتدرج حتى يصل لمرحلة الالتزام به.
أما التخيلات الذهنية فمهم أن نتخيل كل ماهو إيجابي, أن نتخيل سهولة تطبيق الفعل والنتائج الإيجابية معاً, فعندما نعود إلى نفس المثال ونبدأ بتخيل أن أداء التمارين والالتزام بها سيتم بكل يسر وسهولة وأن النتائج صحة ولياقة. فهذا يعتبر من أهم المحفزات خصوصاً أن شعور الإنسان بالنتائج الإيجابية وتخيله لها يحفّزه بشدة على الاستمرار.
ختاما, المحفزات للمداومة على كل ماهو حسن وترك ماهو سيء كثيرة ولكن يعد توعية العقل أهمها حيث أنه وبطريقة ما يوجهنا لفعل ما هو مفيد لنا ويسهل علينا الجانب النفسي لتقبل صعوبة التطبيق, ويسمح لنا بالتصور التخيلي للنجاحات التي دائماً ما تزيد من إصرارنا وحماسنا.
- عبدالله العصيمي