عمر إبراهيم الرشيد
للنفس وقوتها والعزيمة وصلابتها التأثير الكبير بمشيئة الخالق على تجاوز الأزمات والمصائب. وكما هو معلوم فإن التوازن النفسي أو الصحة النفسية في العموم نصف علاج أي داء، والنصف الآخر يأتي من الدواء المكافح والشافي لهذا المرض أو ذاك، وكل ذلك بإرادة الخالق وتقديره عزّ وجلّ. والمتعارف عليه علميًا أن 70 في المائة من
الأمراض الجسدية منشؤها نفسي وهذا ما يؤكد على دور الناحية النفسية الكبير في الشفاء من الاسقام والعلل الجسدية على اختلافها. وقوة النفس وصحتها تأتي من الإيمان كما نعلم، ومن قوة الارتباط والاستعانة بالله تعالى بعيدًا عن شعوذة أو عبث أو دجل.
هناك قصة حدثت لعائلة أمريكية ريفية بداية القرن العشرين، كانت تلك الأسرة تسكن الريف الأمريكي وتمتهن الزراعة شأن معظم أسر الريف والأراضي الزراعية هناك. وكانت أسرة مترابطة تقدس العمل والإنتاج وتراعي القيم والأخلاق كحال معظم الأسر الأمريكية آنذاك قبل تفشي العلمانية وتراجع القيم المسيحية. وحدث أن كان أحد أبناء الأسرة يجري في الحقل فداس بقدمه على قطعة حديد فأحدثت فيها جرحًا غائرًا، عمل والده ما استطاع لتضميد جرحه فتوقف الدم، لكن الجرح لم يندمل، بل بدأ يلتهب شيئًا فشيئًا حتى تورمت القدم وساءت حالة الفتى وأصيبت القدم بالغرغرينا. استدعت الأسرة الطبيب الذي قرر بعد أن عاين الحالة أنه لا بد من بتر القدم، هنا أصيبت الأسرة بالهلع والحزن معًا، ثم قام أخو الفتى المصاب وحذر الطبيب وأسرته من بتر قدم شقيقه، ولم يكتف بذلك بل استل بندقيته ووقف على باب غرفة شقيقه مهددًا من يقترب منه بأنه سوف يطلق عليه النار. هنا حاولت الأسرة ثني الابن وإقناعه بضرورة الأخذ بمشورة الطبيب وبتر القدم خصوصًا أن الطبيب حذر الأسرة أنه في حال التأخر فإن التسمم سوف يسري إلى جسم الفتى ويموت، إلا أن محاولات الطبيب والأسرة لم تفلح أمام إصرار أخيه الأكبر بعدم بتر القدم.
أمام هذه المصيبة التي حلت بهذه الأسرة الوادعة المتماسكة، قام الأب وطلب من أبنائه وأسرته كلها أن يلجؤوا إلى الصلاة والدعاء إلى الله ليشفي ابنهم. هدأ الابن وتقبل هذه الخطوة واجتمعت الأسرة وبدءوا في الصلاة والدعاء بانكسار وتضرع. فلما كان الغد وإذا بالقدم قد خف تورمها ولاحظت الأسرة ذلك باندهاش، ثم صارت أخف في اليوم الثاني، وهكذا حتى بدأ الابن في الوقوف ومن ثم المشي بعد ذلك شيئًا فشيئًا، فعاد الفتى إلى صحته وتعافى.
ثم أن التحق هذا الشاب بعد شفائه بالجيش الأمريكي، وتدرج في النجاح والترقي إلى أن وصل إلى أعلى الرتب العسكرية، فقاد قوات التحالف في الحرب العالمية الثانية عن بلده الولايات المتحدة التي انتصرت فيها. ثم خاض الانتخابات الرئاسية وفاز بجدارة ليصبح رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، إنه دوايت ايزنهاور وهو من أشهر الرؤساء الأمريكيين وزعماء العالم في العصر الحديث نظير إنجازاته العسكرية والسياسية والاقتصادية.
يقول عزّ وجلّ في كتابه الكريم (أمن يجيب المضطر إذا دعاه)، والمضطر تشمل المسلم وغيره. والكثير من المسيحيين يذكرون اسم (المسيح) عند الرجاء أو التعجب أو الغضب وغير ذلك، لكنهم وقت الشدائد والأهوال يلجأون إلى (القدير)!، طابت أوقاتكم.