د.عبد الرحمن الحبيب
رغم زخم التناول لموضوع تنحي بشار الأسد عن السلطة لدرجة أنه أصبح شبه مسلم به لحل الأزمة، ولم يعد يقف أمامه سوى إيران، فإنه نادراً ما يتم التطرق إلى الأسماء المرشحة البديلة إلا فتات من وراء الكواليس الدبلوماسية، سنحاول التقاطها..
«في البحث عن بديل للأسد، قال لي دبلوماسي عربي كبير إن لعبة الأسماء تكتسب زخماً حالياً، رغم أنه حتى الآن لا يوجد رابح.. الناس يسألون بعضهم، من يوجد في ذهنك؟ الشيء المثير أنهم لا يملكون اسماً في أذهانهم..» حسب رولا خلف، فاينانشال تايمز.
إنما البعض يرى أن ثمة أملاً بظهور قيادات جديدة موثوقة من المعارضة خلال الفترة الحالية من المفاوضات المترادفة مع الصراع على الأرض، لتحل محل الأشخاص الذين سبق النظر إليهم كمرشحين لكنهم الآن يفتقرون إلى التأييد داخل سوريا. عبَّر أحد المصادر الداعمة للمعارضة عن الأمر بقوله: «إنهم أناس جيدون لكن ليس لديهم قاعدة شعبية». تقول كبيرة مراسلي بي بي سي، ليز دوسيت، عشية لقاء فيينا: «علمت أن هناك أسماء لمرشحين محتملين اقترحت بالفعل، وتم توزيعها على المشاركين». فمن هم؟ لا توجد إجابة، فالكواليس موصدة!
لم يعد الروس متشبثين بالأسد، بل إنهم ألمحوا مراراً في الآونة الأخيرة أنهم على استعداد للتخلي عنه، لكنهم يتحججون بعدم وجود أسماء مرشحة، فحسب قول دوسيت: نقل مسؤول رسمي شارك في المحادثات الأخيرة مع روسيا عن الروس قولهم: «أين المعارضة؟ إذا كان بإمكانك أن تضمن لنا أنها قادرة على تحمل المسؤولية فلن نتشبث بالأسد». إنما قد نرى الصورة معكوسة، فخلال الأسابيع الماضية، أرسلت السعودية الشخصية القوية ولي ولي العهد محمد بن سلمان إلى روسيا للقاء الرئيس الروسي بوتين، وقد رشح عن هذا الاجتماع أنه تم مطالبة بوتين بتقديم اقتراحه عن الاسم المفترض أن يأتي محل الأسد، وفقاً لتقرير رولا خلف. إنما يبدو أن المعضلة الكأداء هي إيران المؤيدة للأسد بالمطلق والتي تقف حجر عثرة أمام أية تسوية في هذا الصدد. إذ يبدو أن أي مرشح سوف يحجِّم أو يلغي دور حزب الله، مما يشكل القلق الأكبر بالنسبة لإيران.
لماذا لا يظهر من المعارضة أشخاص مرشحين بديلاً عن الأسد؟ لأن المعارضة الداخلية مفتتة، تتكون من تيارات أيديولوجية مختلفة وجماعات متنافسة تعمل على تقويض بعضها البعض. بينما المعارضة الخارجية ابتعدت أو أزيحت عن الساحة الفعلية للأحداث. أضف إلى ذلك أن الداعمين الخارجيين غير متفقين على أي شخص، لأن أهدافهم مختلفة إلى حد كبير، مما يترجم إلى المزيد من الفوضى على الأرض.
لننتقل إلى زبدة الموضوع، إذا لم تظهر أسماء قوية للترشيح، فما هي الأسماء المحتملة للترشيح أو التي سبق ترشيحها؟ هنا عرض لأهم الأسماء حسبما وردت في وقت من الأوقات منذ بدء الثورة في سوريا، إنما كل مرشح أمامه مبررات مانعة للترشح..
فاروق الشرع: شغل منصب نائب الرئيس حتى منتصف 2014. ظهر منذ بداية الأزمة بأنه المسؤول السوري الوحيد الذي أعلن اختلافه عن مقاربة بشار الاسد للأزمة، إذ دعا لإنهائها عبر تسوية سياسية وليست عسكرية. لذا ومنذ ذلك الحين طالب بعض أصوات المعارضة السورية بدور للشرع في المفاوضات أو أن يكون رئيساً للمرحلة الانتقالية كما طرحها وزير الخارجية التركي حينئذ. وقبيل التدخل الروسي العسكري في سوريا قيل إن روسيا تتجه لطرح اسم فاروق الشرع بديلاً عن الرئيس السوري، وفق مصدر في الائتلاف المعارض. لكن غيابه (أو تغييبه) الطويل عن الساحة السياسية أضعف احتمال ترشيحه.
أحمد معاذ الخطيب: خطيب وداعية إسلامي، رأس الائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة منذ نوفمبر 2012 واستقال في مارس 2013.. ظهر كشخصية قوية جذابة (كاريزما)، وكان على استعداد للقاء الأسد، وقوبل بالثناء من بعض الموالين للنظام. لكن استقالته في غضون عام من توليه قيادة المجلس الوطني السوري حدت كثيراً من فرصته كمرشح.
مناف طلاس: كان أحد قيادات الحرس الجمهوري المقربين لبشار الأسد، وهو ابن مصطفى طلاس وزير الدفاع السوري الأسبق والصديق الشخصي للرئيس الراحل حافظ الأسد. شكل انشقاقه عام 2012 أقوى ضربة يتلقاها النظام السوري ضمن موجة الانشاقاقات، بعدها ظهر كمرشح محتمل، لكنه نادراً ما تحدث إلى وسائل الإعلام..
علي مملوك: مدير المخابرات السورية ويشكل ثلاثي مع بشار الأسد ووليد معلم كلجنة سياسية مسؤولة عن توجيه الوضع في البلاد حسب تسريب من ويكيليكس يوليه الماضي. في الأسبوع الماضي نقل موقع صحيفة «يديعوت أحرنوت» عن دوائر عسكرية إسرائيلية، قولها إن الروس أبدوا اهتماماً خاصاً بالاتصال بمملوك، لإقناعه بتولي قيادة سوريا في حال تم إجبار الأسد على التنحي. وشددت الدوائر على أن الروس يرون في مملوك «خليفة جدّيا» للأسد.. ونوهت الصحيفة إلى أن خلافة مملوك العلوي للأسد تضمن ولاء الطائفة العلوية في سوريا، مشيرة إلى أن هناك تقارير قد ذكرت في الماضي أن مملوك يخطط للتمرد على الأسد، لكن هذه التقارير دحضت بعد ظهوره عدة مرات إلى جانب الأسد. كما أوضحت بعض التقارير أنه لا يبدو أن أحداً من الحلقة الضيقة للأسد مستعداً للقيام بخطوات تنحيه جانباً، حسب الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن اميل حكيم.
هناك من يقترح ترشيح أحد زعماء التنظيمات المقاتلة على الأرض غير المتهمة بالإرهاب، مثل تجمع أحرار الشام التي قد يعتبره البعض إسلامياً متشددًا لكن محللين يقولون إنه قد يكون من الضروري إشراك بعض مجموعات مماثلة للتأكيد على أن أي صفقة سياسية تتضمن تنظيماً لديه قوة فعلية على الأرض. وكانت المجموعة جزءاً من هدنة تم التفاوض بشأنها مؤخراً مع قوات إيران والأسد، وأظهر اهتماماً ومرونة بالمحادثات الانتقالية (فاينانشال تايمز، إريكا سولومن).
في كل الأحوال المرشح البديل لا بد أن يضمن الحد الأدنى من التوافق المحلي والإقليمي والدولي، وأيضاً لا بد أن يشكل ضمانة للمكونات الاجتماعية السورية بعدم الإقصاء.. وتلك معادلة صعبة خاصة أن سوريا افتقدت طويلاً لدور مؤسسات المجتمع المدني التي يمكن أن يترشح منها أسماء مقبولة..