جاسر عبدالعزيز الجاسر
ما كنا قد حذّرنا منه في هذه الزاوية منذ عدة سنوات، والذي نكرره ما بين الفينة والأخرى، يحذِّر منه شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الآن، والذي أصدر بياناً باسم مشيخة الأزهر جاء فيه «أنّ المشيخة لاحظت أنّ هناك أموالاً تضخُّ لتحويل شباب أهل السنّة في مصر إلى المذهب الشيعي». محذِّراً من «أنّ هذا الأمر سوف يؤدي بالضرورة إلى فتنة وإراقة دماء في بلاد أهل السنّة، وهو ما يرفضه الأزهر ليس كراهية لفريق أو لتبنِّي فريق آخر، لكن تحسُّبناً وخوفاً من أن تسيل الدماء وتصير مصر مثل العراق وسوريا».
تحذير شيخ الأزهر لم يأتِ من فراغ، فالشيخ الذي عُرف عنه التأنِّي وعدم التسرُّع، وجد أن تدخله أصبح واجباً بل وملزماً كعالم يدير واحدة من أكبر المؤسسات الإسلامية في العالم، وكمواطن مصري مسؤول يرى بلاده يدفعها من أعمت قلوبهم الأموال إلى هاوية الفتنة الطائفية، فاستهداف مصر بالتشيُّع ليس بالجديد، وقد بدأ منذ حكم الرئيس السابق حسني مبارك، وتصاعد خلال حكم مرسي وجماعة الإخوان، فمن خلال ضخّ الأموال واستضافة الوفود الصحفية وبعضٍ ممّن يمتهنون الدِّين للتكسُّب، والذين يُستضافون في إيران التي يحرص ملاليها أن تتضمّن فقرات زيارتهم الحضور إلى قم، حيث يُلقمون جرعات من السم الطائفي ليعودوا إلى مصر لنشر ذلك السم. وقد لاحظ المتابعون أنّ أصوات من ذهبوا إلى إيران، قد تزايدت ووجدت طريقها إلى بعض المحطات الفضائية غير البريئة من التكسُّب، لتظهر فئة وإنْ لم تتعدّ العشرات، تعلن اعتناقها المذهب الشيعي، إذ تمادى البعض منهم، فأخذوا يمارسون نفس الأفعال ممن يقلدونهم في إيران والعراق، بسبِّ الصحابة وبالذات الخلفاء الراشدون وأُمّ المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر زوجة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فتصدى لهم بعض المؤمنين. وشهدت إحدى القرى قتل من تمادى في إساءته للصحابة، كحادثة تنبئ ببداية فتنة طائفية تهدِّد المجتمع المصري الذي يعتنق جميع مسلميه مذهب أهل السنّة، مذهب الجماعة. إلا أنّ الأسلوب الذي يتبعه نظام ملالي إيران، والذي طُبِّق في عدد من الدول الإفريقية وسوريا، اعتمد على شراء النفوس وتقديم أموال طائلة وتنفيذ عدد من المشاريع الاجتماعية لاستمالة النفوس.
هكذا دائماً البداية تستقطب شخصيات إعلامية نهمة للأموال، وعلى استعداد لتغيير قناعاتها وحتى معتقداتها المذهبية، بعد أن تقدَّم لهم الأموال، ويتم استضافة هؤلاء مع من يقنعونهم بالمشاركة في مناسبات ثقافية أو مؤتمرات تحت غطاء علمي، وفي إيران يحرص من استقدموهم على تلقينهم أُسس الانحراف المذهبي، معزّزاً بدفعات مالية تتجاوز ما يحصلون عليه طوال حياتهم المهنية، وعندما يعودون ينفذون الأجندات التي طُلب منهم تنفيذها.
هكذا فعلوا في سوريا واليمن، وفي سوريا أغووا مئات الشباب السوري وظهرت المراقد والقبور، وأقيمت المزارات للعديد من الشخصيات الإسلامية في محافظات بعيدة، حُوِّلت إلى تجمُّعات مذهبية رفعت من أتباع المذهب الشيعي في سوريا، والتي تعزّزت بعد وصول المليشيات الشيعية من إيران والعراق ولبنان وباكستان والهند، وهذا ما فعلوه في اليمن، عندما أحضروا أبناء بدر الحوثي وقبلهم أحضروا أباهم إلى قم لإحياء معتقدات اندرثت في اليمن، لتكون النتيجة فتنة مستمرة وحرباً دمّرت اليمن، وهو ما يحذر منه شيخ الأزهر، والذي يجب أن يحذره منه أهل مصر، قبل أن تستعر الفتنة الطائفية ليحرق وقودها المجتمع المصري، الذي ظلّ متماسكاً أمام شتى المؤامرات وأجندات أعداء الإسلام الحقيقي.