رقية الهويريني
رأى أحد الصحابة رؤيا في كيفية النداء للصلاة فأمره النبي صلى الله عليه وسلّم أن يبلغ به بلال لأنه أندى منه صوتًا، ولم يجامله بالقيام به، لأن نداوة الصوت مطلوبة ومرغوبة ومهمة في ذلك.
والمتأمل في أصوات بعض المؤذنين يجد أغلبها نشاز وأكثرها موحشة؛ مما يتطلب التحاق المؤذنين بدورات لتحسين أداء الأذان وتعلم المقامات والطبقات الصوتية. ولا يتوقف الأمر عليهم بل يشترك معهم أئمة المساجد والخطباء، ولن يتحقق ذلك إلا بإنشاء معهد متخصص للتدريب على الخطابة والأذان لرفع مستواهم وتدريبهم على كيفية التوزيع الصوتي وطريقة الأداء. فضلاً عن تعويد الخطباء الرفق عند إلقاء الخطبة بدلاً من الصراخ الذي ينطلق كل جمعة، مع ضرورة تخفيض صوت الميكرفونات وإلزام المساجد بالاكتفاء بوصول النداء لمسافة كافية لقرب المسافة بين المساجد في الأحياء!
وفيما سبق عدّ أهل نجد الميكرفونات بالمساجد بدعة ولم يوافقوا عليها إلا بفتوى! وحاليًا نرى التسابق على رفع مستوى صوت الميكرفونات بأعلى درجة لها، وتلصق تهمة عدم الالتزام بالدين لمن ينادي بخفض الصوت بدرجة مناسبة!
وتلزم وزارة الشؤون الإسلامية من يبني مسجدًا بتأمين مسكن خاص للإمام والمؤذن إضافة إلى صرف راتب لهما، بالرغم من أنه يمكن دراسة إمكانية استخدام التقنية في رفع الأذان إذا كان ذلك لا يتعارض مع تعاليم الإسلام، بحيث يتم توقيت مواعيد الصلاة والإقامة وانطلاق الأذان إلكترونيًا بوقت واحد وصوت موحد لكل مدينة، كما في ساعات الأذان المستخدمة في بعض المنازل أو في المتنزهات البرية، وهو أكثر دقة وأجمل وأندى صوتًا من بعض المؤذنين الذين قد يستعينون ببعض العمالة الأجنبية للقيام بدلاً عنهم بالأذان فينطقون الكلمات بصوت أعجمي مكسّر الحروف وبصوت نشاز! والمصيبة تتعاظم حينما يعهد له الإمام إمامة المصلين عوضًا عنه لانشغاله في دوام أو غيره، وهو لا يحسن القراءة! فلا تتم حينئذ مراعاة لصوت ولا خشوع ولا التزام بأحكام.
ومن الطريف في ذلك أن الشاعر المصري محمد حمام كان له صديق يدعى (نجاتي) وكان ذا صوت مرعب، فاستكفَّـه عن قراءة القرآن في المجامع وأذيـة الناس، فلم ينكف فكتب فيه قائلاً:
ألا قبحًا لصوتك يا نجاتي
بِحق أنت إحدى المزعجاتِ
فلو أني استعنتُ على عدو
بصوتك لاسترحت من العداةِ
ولو غنيتَ في عرس بهيج
لصيرت الرواقص لاطماتِ
ولو لحن الصبا غنيتَ، صارت
صبا نجد زعازعَ قاصفاتِ
ولو نأديت حي على هبات
لنفّـرت الجياع من الهباتِ
ولو أذنتَ حي على صلاة
رددت المسلمين عن الصلاةِ
ولو بندائك الأمواتُ تحيا
أصر الميتون على المماتِ!!