حكت قصة بياع الخواتم عن «عيد العزاب»، الحدث السنوي الذي يتيح لشباب وشابات ضيعة لبنانية ان يتعرفوا بمن يحبون لعرض الاقتران بهن، وكان - فليمون وهبة - الذي يحاول كل عيد أن يبلغ غايته لتختاره إحدى البنات زوجا بطريقة مضحكة، ودوما يفشل. والسيد إسماعيل ولد الشيخ احمد كمندوب لأمين عام الأمم المتحدة السيد بان كي مون، بدأ دوره بحلقات من الفشل ابتداء من تجميد نص توصيات القرار (2216) القاضية بتقديم تقرير عن مدى التزام المعنيين بالبدء بتنفيذ بنوده خلال عشرة أيَّام. إلا أن عدم الجدية في تنفيذ بنود القرار أوضحتها حالتان.
الحالة الأولى : أن بان كي مون، ومندوبه ابن الشيخ لم يبدآ التحرك إلا بعد شهر من صدور القرار، والثانية أنهم ضيعوا «مجازاً» مفتاح بداية تشغيل القرار.» بدلا من أن يبادر ابن الشيخ إلى رفع تقرير بأن الحوثي وصالح يرفضون الاعتراف بالقرار ابتداء، خلال العشرة الأيَّام الأولى، وجدناه يسوِّف ويمنِّي النفس بما يحلم بتحقيقه كنجاح شخصي له، بالعمل على جمع الأطراف حول طاولة الحل السياسي، تمخض عنه اجتماع كانت نتيجته وربما اشتمل محضره على نتيجة واحدة هي: ان الاجتماع تمخض عنه توقيع تبادل تقاذف الأحذية، ليعود ليبشر بفرج جديد متمثلا بورقة سباعية تمخض بها مناديب صالح والحوثيين والإيرانيين في سلطنة عمان، فكانت النتيجة «تمخض الجبل» وللمرة الثالثة يعود ولن يفلح، لأنه مارس ممارسة - فليمون وهبة - بانتهاج أسلوب الفشل في مسرحية بياع الخواتم.
رغم ان 75 في المئة من الأراضي اليمنية قد تحررت من رجس ميليشيات الحوثي وصالح، ولأن كلاً من الحوثي وصالح فقد كل شيء فلم يعد بأيديهم قصاصات ممزقة من الأوراق السياسية التي يفاوضون عليها، إلا هدم المعبد على رأس من فيه، وربما وأن ابن الشيخ لم يدرك هذه الحقيقة، وهو يتحمل المسؤولية الكبرى من عدم تنفيذ القرار (2216)، حينما لم يأخذ على عاتقه دور مراقبة تنفيذ قرار أممي بموجب البند السابع، صيغ صياغة لا تقبل المواربة والاحتمالات، قرار لا يحتاج لتفسير معاني ألفاظه، ولا ترتيب أولوياته أو تأجيل تنفيذ بعض بنوده، بل إن ابن الشيخ نهج منهج إفراغ القرار من مضمونه وغاياته النهائية، بالانقياد لمطالب لا نبرئ منها بعض ممن صوتوا لصالح القرار وبالتأكيد الحوثيون وصالح، ولأن أول مهمة لابن الشيخ بعد تعيينه كانت زيارته لسلفه جمال بنعمر، الذي لم يكن محايدا أبداً في مهمته اليمنية، فقد كان شغوفا بنجاح شخصي ولو على حساب عدم استقرار اليمن.
«ومهما تكن عند امرئ من خليقةٍ
وإن خالها تخفى على الناس تُعلم»
فقد كان منحازا للحوثيين انحيازاً أدى به للفشل من حيث أراد النجاح. وهي النتيجة الحتمية لابن الشيخ إذا ما استمر على منهجه بمحاولاته البحث عن حلول خلاف تنفيذ بنود القرار. خاصة في هذا الوقت الذي لم يعد فيه اليمنيون يتصورون قيام شراكة سياسية مع الحوثيين وصالح بعدما أغرقوا اليمن بالدم والدمار الذي لم يقف عليه ابن الشيخ ولو مرة واحدة، فلم يتجاوز صنعاء إلا إلى مسقط أو جنيف، وربما لو زار عدن مرة واحدة أو تعز، لأدرك أنه كان يقف في الجانب المظلم.
بقي ان القرار (2216) نتيجة جهود سياسية ودبلوماسية عربية مبهرة، أنتجته بينما لم ينتج من قبل أي قرار لمجلس الأمن بشمولية ووضوح آليات تنفيذه بنوده ونتائج تنفيذه على الواقع اليمني، خال من العيوب اللفظية وعيوب احتمالات قبول أكثر من تفسير، أو نهايات تؤول بنتائجه على مخاطر مستقبلية كامنة. وهو ما يدعو الحكومة الشرعية اليمنية ممثلة بفخامة الرئيس هادي، ودول التحالف العربي بأن لا يسمحوا بالالتفاف على منهجية وآلية تطبيقه إلا بتنفيذ نصوصه كما وردة تطبيقا كاملا لا يقبل المواربة فيه. فللحكومة اليمنية، ودول التحالف اليد العليا في الميدان العسكري والسياسي وتنفيذه كاملا عبارة عن حقنة إعدام للحوثيين وصالح تقي اليمن شر مستقبلهم، وليبقى بياع الخواتم يتجرع فشله في كل عيد عزاب.
- إبراهيم الطاسان