تخلل في العدد [12213] حتى حال عليه الحول التاسع؟
حينما هبت بارحة ندية بقطرات المطر جعله الله بشرى خير وبركة، الليلة البارحة الأحد الخامس من محرم 1437هـ انتشينا بريح الثرى المعفر بقطرات أوله، لنوصد الشبابيك مع انقلاب اتجاه الريح المصاحبة للمطر، لأتذكر حزينا على ما طَرَحَتُه في صحيفة الجزيرة قبل تسع سنوات وزاده أحد عشر شهرا عدا . ففي ذلك العدد [12213] الواقع في يوم الثلاثاء المصادف لسابع من صفر 1427هـ، تحت عنوان «متصدع بجازان.. وضنك بجدة.. فماذا نسميه بالقصيم؟! ولا حاجة لسرد ما ورد تحت ذلك العنوان من معاناة لؤلؤة قصيمية يعرفها كل مواطن وهي مدينة الرس التي تستجير بوادي الرمة لعله يخلصها من عبير يزكم الأنوف، ويورث الغثيان من استنشاق الهواء. وهو الأذى المعدي بالامتداد لجيرانها الأدنين والأقصين.وليلة البارحة اضطرنا ما كنا نشكو منه قبل تسع سنوات من روائح كريهة ومناظر مؤذية ومخاطر محتملة حين عاودنا البارحة مع رياح رافقت نزول المطر الذي كدنا نخلع له الغتر ونمشي كاشفي الرؤوس تحته فرحا به، فإذا بالأشمغة والغتر تصبح غنيمة أسعفتنا لسد أنوفنا. لا ندري من أي اتجاه ندرأ الروائح التي تصيب بالغثيان، فلم تعد محطات تنقية الصرف الصحي واحدة معلومة المكان والاتجاه، نصلى لله أن لا تهب الرياح من ناحيتها، أصبحنا محاطين بمحطات تنثر رذاذها المنتن فى كل اتجاه من أينما هبت الرياح. وكلها بكل أسف تسيل على مجرى وادي الرمة الذي تغتسل في سيله الكثير من البلدات القصيمية، وفي الكثير منها يستقر سيله ويتسرب لباطن الأرض حيث المياه السطحية، وهي مصدر استعمال المواطنين، شرب وطهي وري مزارعهم، وقبل ذا كله، نبتت على تسريبات هذه المحطات أشجار ونباتات ترعى فيها الإبل، وتخوض من أجلها مستنقعاته. وقد يكون لهذا المراعي دور مغفول عنه في ما ينسب من تهمة لم يجزم بقطعيتها، بأن الإبل مصدر أو حاضن «كورونا» فلم نسمع عن كورونا إلا بعد أن شاهدنا الإبل السائبة تقتات على ما ينبت في مسارب مياه محطات الصرف الصحي. وهو احتمال مغفول عنه، وقد يكون محتملا. أعلم أن أي رد على هذا الموضوع فيما لو اهتمت الجهة المعنية به، وهي وزارة الكهرباء والمياه، فلن يتجاوز الإفادة بالمعالجة الثلاثية، ونحن في القصيم عامة ووسط القصيم خاصة، نعلم أن مياه الصرف الصحي في تلك المحطات تعالج ثلاثيا، والمعالجة الثلاثية ليست المعالجة الصالحة لمياه صرف صحي تسيل بين المدن والقرى فالمتعارف عليها عالميا هي المعالة «الفيزيائية كيماوية وبيولوجية» والتي ينتج عنها عدم نشاط الميكروبات اللاهوائية، وهي الميكروبات التي تستنفذ الأكسجين الذائب وتقوم بتخمير المواد العضوية مسببة الروائح الكريهة، في الوقت الذي تنتظر الناس استنشاق شذا فواح يبهج النفس ويطيب الأنفاس من نبات الحرف الذي ينبت ويجود في بطن وادي الرمة وهو مرتعا خصبا مشبع لنوق وغيرها من الدواب العاشبة، يعاني السكان والمارة من روائح كريهة حال هبوب الرياح مرورا بأي من مسطحات تسريبات محطات الصرف الصحي،او العبور من الطرق المتقاطعة مع الوادي مما يقطع أن المعالجة الثلاثية لا تقضي على الروائح التي تصيب بالغثيان، فما بال أنها تقضي على البكتريا والميكروبات، والصرف الصحي بيئة صالحة لتكاثرها وانتشارها. فإن كان لا بد من الإبقاء على الروائح الكريهة، فلا بد وأن يحتال لسلامة مجرى الوادي بتصريف الصرف الصحي بعيدا عن الوادي والمدن والبلدات عامة، والدولة أعزها الله لم تبخل أو تتوانى عن كل ما يؤمن صحة المواطن مهما كلف الأمر ذلك.
وشواهد هذا قائمة وبإمكان الجهات ذات العلاقة المباشرة بهذه المشكلة، الاستفادة من انسيابية منسوب الانحدار لوادي الرمة الذي ينساب بكبريائه من أعالي جبال الحجاز والحرة إلى شط العرب بالبصرة، أن تستفيد بمد أنابيب تحت أرض مجرى وادي الرمة حتى يتجاوز نفود الثورات إلى الدبدبة وهناك تقام محطة معالجة لجميع المحطات المتوسدة وادي الرمة بالقصيم، والتي تتدفق مياهها المنتنة بمجراه. سواء منها ماكان بمدينة الرس أو الخبراء أو غيرها، لتتم هناك المعالجة العلمية المعروفة «الفيزيائية والكيماوية والبيولوجية» ومن ثم يمكن تسريبها على الصحراء دون خوف من آثارها الضارة على البشر والحيوان. تسع سنوات مضت كافية للصبر والانتظار يا وزارة الكهرباء والمياه. وربما كانت عملية نزح خزانات الصرف الصحي بالبيوت بواسطة التناكر المخصصة لذلك أسلم، لكونها تذهب بها بعيدا في الصحراء وتفرغها. بينما مشاريع الوزارة المشاهدة في بعض مناطق القصيم، قائمة على تحويل مياه الصرف عبر الأنابيب إلى محطات تجميع تنزف مياهها فى مجرى وادي الرمة، الذي سبب الأذى النفسي الظاهر للناس أما المخاطر الخفية فالمستقبل كفيل بإعلانها. وقد يكون من أول نتائجها تهمة الإبل بـ»كورونا» والمتهم بريء حتى تثبت إدانته.
- إبراهيم الطاسان