عثمان أبوبكر مالي
كلام (للي يفهموه) قاله أسعد عبدالكريم عندما سأله الزميل والكاتب الاجتماعي صالح الشيحي «ماذا تقول إذا أردت أن تصف الاتحاد؟» فرد وهو الاتحادي حتى العظم بكلام جميل: «متعوب عليه، لكنه في الوقت نفسه قديم عتيق»!
يقول الفريق أسعد عن الاتحاديين «.. يتعاملون معك من أول مقابلة كأنك معرفة قديمة، وإذا أخذوا وأعطوا معك كنت بحسبة واحد من الحارة، وإذا ذكرت الاتحاد ضموك للعائلة..». كلام من الماضي، من زمن الاتحاد الجميل، عندما كان الاتحادي يقوم ويقعد، يأكل ويشرب، ينام ويصحو، على أُسس وأخلاقيات ومبادئ ناديه، عندما كان الاتحاديون يلتقون بقلوبهم وأرواحهم قبل أن يجلسوا في (دورية) أسبوعية أو (ثلوثية) شهرية أو (معايدة) سنوية، عندما كانت دفة القيادة بيد مفكرين من أمثال (الحكيم) ومثقفين من طراز (الفعال) وكرماء من عينة (الداعم)، ومدرجه يقوده (بسطاء) من طينة (عم جابر) ورجل على (سجيته) من نوعية عبدالله شعيب - يرحمها الله -. ذلك كان في الماضي البعيد القريب.
ماض كانت كل الأطياف التي تنتمي إليه تلتقي عند اتحادهم، وليس عند أسمائه. يلتحفون بشعاره، وليس شخوصه.. يهتفون باسمه وليس ألقابهم، ليس فيهم قسمة ولا تقسيم، لا يوجد من يصنف خارج دائرته؛ لأنه ينتقد أو يقدم رأياً أو لا يقبل تصرفاً أو ينتقد قراراً أو يعترض على توجُّه.. كان البعض من الكل، والجميع في كُليّتِه من غير طبل ولا زمر ولا انتفاخ. لم يكن مطلوباً ولا مقبولاً من أحد أن (يتغنى) بغير اسم الاتحاد، والاتحاد فقط.
يا سيدي الفاضل.. اليوم في الاتحاد عرض (يقزم) كل العمالقة، ويلغي كل القيادات السابقة، ويرفض الأسماء الكبيرة الشامخة ممن تولوا شؤونه، وأداروا دفته، وجددوا مسيرته، وعمقوا أمجاده، وكدسوا بطولاته بل حتى من صنعوا بداياته، ومن جددوا تأسيسه(!!)
اليوم (تمسح) كل التواريخ التي التُصقت بأسماء الماضي والقيم والرموز، من عام (اللاسلكي) إلى سنة (الرباعية)!
اليوم يختزل تاريخ التسعيني من اللحظة التي ترجل فيها (سهم) باستقالة، ويتوقف الزمن في أجندتهم بعد ذلك عند (الآسيوية)، ثم يعود في حكمهم من جديد. وما بين التوقف والعودة (يرونه) وكأنه لم يكن، يرونه في سلة (اللاشيء)!
تقول معاليكم، وأنت تصف حال الاتحاديين بالأمس «.. إذا ذكرت الاتحاد ضموك للعائلة. هكذا الاتحاد لا يوجد كبير ولا يوجد صغير، كلهم كأسنان المشط، يحبون حتى العظم..». وتقول أيضاً لا فض فوك «.. في حضرة الاتحاد أنت عاشق من ضمن الملايين».. إنك أيها الأديب العسكري الرياضي تتحدث عن الاتحاد عندما كان ـ وكما تقول أنت ـ (الممثل السامي لكل العناصر). وأقول لك يا سيدي الفاضل (كان زمان وجبر)!!
كلام مشفر
كان الاتحادي عندما يسأل عن هويته الرياضية ولأي ناد ينتمي يرد بأن ناديه (فارس الملعب)، وعن نفسه فهو ليس سوى (عاشق من ضمن الملايين). لم يعد ذلك قائماً اليوم، واستبدل بالسؤال السخيف (مطنوخ ولا عتريسي)؟
اليوم قسموا الاتحاد إلى فسطاطين
المنتمي الاتحادي اليوم لا يتجاوز التصنيف مهما كان اسمه وتاريخه وسنواته مع النادي إلا بشرط أن يكون مقرباً، وعلى (الراس والعين)، ومن ليس كذلك فحتى (ما أكذب عليك) لن أسمي تصنيفه حتى لا أنجر إلى السياق لذلك (أنا طالب المعذرة)!
وقت بين آخر يتحدث بعض الاتحاديين عن ضرورة اتحادهم وتكاتفهم، ويطالبون بمبادرات لتحقيق ذلك، ويخطئ هؤلاء إذا كانوا يعتقدون أن فعل ذلك يتم بالسكوت والصمت وعدم الانتقاد وطرح الآراء ووجهات النظر، تلك مسألة (دخيلة) على العميد.
الرأي والرأي الآخر ثقافة اتحادية متوارثة، وأحد المرتكزات التي يقوم عليها التصحيح والعمل الحقيقي. والذين يرفضون ذلك إما لقصر نظرهم وتقديمهم الأشخاص على الكيان، أو أنهم حديثو عهد بالنادي الكبير؛ وبالتالي تغيب عنهم ثقافاته وكثير من أدبياته وخصوصياته.
يخطئ الذين يعتقدون أن الهجوم على الأسماء الصحفية الاتحادية العتيقة والخبيرة واختلاق الاتهامات والأكاذيب لها سيوقفها أو يضعفها أو حتى يهزها. والواضح من إصرارها واستمرارها وتقديمها مصلحة النادي من (وجهة نظرها) فيما تطرحه أن تلك الأساليب لم ولن تحرك شعرة في رؤوس الأسماء الحرة.
الاتحاديون الذين راهنوا على محترف الفريق الروماني سان مارتن، وطالبوا باستمراره على الأقل حتى الفترة الشتوية، كسبوا الرهان بعد مباراة الهلال والمستوى المذهل الذي قدمه اللاعب إلى درجة أن قال كثيرون منهم «الحمد لله السستم خرب»!
خسر الهلال أمام الاتحاد دورياً برباعية مذلة، وكانت خسارة كبيرة غير متوقعة من أكثر الاتحاديين تفاؤلاً، أو أكثر الهلاليين تشاؤماً، لكن النتيجة ستضع إدارة الناديين في امتحان بعد الكلاسيكو وانعكاساته وكيفية استثماره.