يوسف المحيميد
كتب الزميل صالح الشيحي مقالاً في صحيفة الوطن، يلوم فيه شركة التعدين العربية السعودية (معادن) على أنها لم تقدم للمنطقة الشمالية ما قدمته شركة أرامكو في سنوات خلت، حاملا مقاله العديد من المغالطات، ولم يدرك الفرق بين هاتين الشركتين على المستوى الاقتصادي أولاً، وعلى إمكانات التشغيل والاستثمار، والعائد السريع، ففي حين يمكن استثمار البترول الخام سريعاً، كمصدر رئيس للطاقة، يمكن إنتاجه وتصديره، حتى من غير تحويله إلى منتجات وسيطة ونهائية، وهو ما فعلته الدولة في مرحلة مبكرة، واستطاعت توفير موارد أسهمت في بناء البلاد وتطويرها بأكملها، وليست رفحاء أو الشمال فحسب، فإن الثروات الطبيعية الأخرى تختلف تماماً، من حيث حاجتها للصبر والعمل الدؤوب، فالفوسفات والبوكسايت مثلا، هما من المعادن التي يمكن استغلالهما خلال سنوات طويلة، فأحدهما يتم نقله من حزم الجلاميد شمالاً، والآخر من البعيثة في القصيم، إلى شرق البلاد في رأس الخير، حيث المصانع التي تنتج سلعاً نهائية كالأسمدة والألومنيوم والأمونيا وغيرها، وكل هذه الصناعات تحتاج إلى وقت طويل، واستثمارات مالية كبيرة، للوصول إلى نتائج اقتصادية جيدة، تستفيد منها رفحاء وجازان وبيشة وغيرها من مدن هذه البلاد، فالثروة في النهاية ثروة وطن، والوطن واحد!
وقبل هذه القفزة العشوائية من عصر البترول إلى المعادن، ومن أرامكو السعودية إلى شركة معادن، علينا ألا نتجاهل ركيزة أساسية في اقتصادنا المتنامي، وهي شركة سابك، التي تخصصت في البتروكيماويات، والتي انطلقت منذ أربعين عاماً، حتى أصبحت من أكبر شركات العالم في البتروكيماويات، وقبلها أرامكو التي تأسست قبل سبعين عاماً، فمن غير المنطقي مقارنة شركة وليدة، في بداياتها مع عصر جديد، وركيزة جديدة في الاقتصاد السعودي، كشركة معادن، بهاتين الشركتين العملاقتين؛ ولا يُعقل إطلاقاً المقارنة بين أرامكو ومعادن، فالأولى شركة ضخمة، ورأسمالها ضخم جداً، ومملوكة للدولة، بينما الثانية أقل رأس مالاً وعمراً، ومملوك معظمها للمواطنين!
فمعادن تأسست عام 1997، أي قبل سبعة عشر عاماً، لكن دورها الحقيقي بدأ عام 2008، وذلك بعد الاكتتاب العام، ففي البدايات اقتصر نشاطها على استغلال المعادن النفيسة كالذهب، خاصة منجم مهد الذهب، ولم تدخل في استثمار الفوسفات في الشمال إلا منذ عامين، بعدما أطلق الملك عبدالله يرحمه الله قبل سبع سنوات وعداً لأهلنا في الشمال، بالاستثمار والتطوير والخير لهم، فمن المستحيل في منطق المال والأعمال أن تنجز المشروعات الضخمة في ظرف سنوات قليلة، لا أريد الحديث عن ستة عشر مصنعاً في رأس الخير، ومدينة سكنية ضخمة في الشمال، ومعهد تدريبي تقني مختص بالتعدين في عرعر، ودعم المشتريات المحلية، وغيرها، لكنني تمنيت أن لا يرتدي كتاب الشأن العام ثوب المناطقية، ويغضب أحدهم من إقامة منتدى التعدين والمعادن الأول في مدينة الرياض، فالرياض تحمل الكثير من الإمكانات والتسهيلات والخبرات في التنظيم، ولديها الكثير من خيارات المواقع لاستضافة المنتديات والمؤتمرات، كشأن معظم عواصم العالم، فهي العاصمة، إلا إذا كان الزميل الشيحي يرى عاصمةً أخرى لا نعرفها!