د. عبدالواحد الحميد
ليس جديداً أن يقال إن بعض الأخبار والتقارير التي تنشرها وسائل الإعلام تفتقر إلى الدقة، ومن هنا جاءت المقولة الشهيرة التي تصف أي كلام مشكوك في صحته بأنه «كلام جرائد».
وفي بعض الأحيان يكون سبب عدم الدقة هو الاستعجال في النشر والحرص على تحقيق سبق صحفي قبل الآخرين لأن الصحفي يخوض معركة دائمة مع الوقت فكلما تأخر نشر الخبر فقد بعضاً من قيمته وقد يفقد قيمته بالكامل فيصبح النشر المتأخر علامة رداءة بحق الصحيفة.
لكن «عدم الدقة» الذي يمكن تفهم أسبابه في بعض الأحيان غير «عدم النزاهة». فالنشر غير النزيه مقصود لذاته بهدف الترويج لمعلومة كاذبة أو للبحث عن الإثارة. ومعلوم أن هناك دولا ومنظمات وأفرادا في طول العالم وعرضه يمارسون النشر غير النزيه بشكل مقصود وذلك لتحقيق غايات معينة في خضم التنافسات والنزاعات بين الدول والمنظمات والأفراد.
وقد كان الترويج المقصود للمعلومات غير الصحيحة مشكلة كبيرة قبل زمن الإعلام الجديد لكنه اليوم أصبح مشكلة كبرى. وفي حين كان من الصعب تمرير خبر كاذب في صحيفة دون موافقة المسؤول عن النشر أو الرقيب أصبح بوسع كل إنسان اليوم أن «يفبرك» ما يشاء من الأخبار والمعلومات ثم ينشرها بكل سهولة من خلال وسائل الإعلام الجديد وقد تصل إلى ملايين المتلقين إذا كانت المعلومة مثيرة وهو رقم يتجاوز توزيع معظم الصحف بما فيها الصحف الناجحة!
هذا النشر غير النزيه يؤدي أحياناً ولفترة من الزمن إلى تصديق المعلومة التي يُعاد نشرها والتعليق عليها دون تحري، وعندما يتم تصحيحها تكون قد استقرت في أذهان الناس ويصعب محوها، كما أن من المشكوك فيه أن جميع من قرأها سوف يطلع على التصحيح.
وقبل مدة نشرت إحدى وسائل الإعلام الجديد خبراً غير نزيه قيل إن من صاغه محرر تربطه علاقة شخصية بالموضوع فجاءت صياغته منحازة لمصلحته الشخصية. لكن المشكلة هي أن بعض الكتاب والمغردين التقطوا الخبر قبل تصحيحه وكتبوا مقالات وتغريدات متحمسة بناء على معلومة منحازة غير دقيقة.
إن الجهات الإعلامية الرسمية المسؤولة عن متابعة ما يُنشر تظل مطالبة بالحد من نشر المعلومات غير الصحيحة وبخاصة عندما تؤدي إلى الإضرار ببعض الأفراد أو الجهات أو عندما تؤدي إلى حدوث بلبلة اجتماعية. لكن من المهم أيضا ألا نتسرع في تصديق أي خبر لمجرد أنه منشور في وسيلة إعلامية ورقية أو إليكترونية، والأهم هو عدم التسرع في التعليق عليه أو إعادة نشره قبل التثبت من صحته وبخاصة إذا بدا غريباً وغير منطقي.