علي الخزيم
عبدالملك تلميذ عمره ست سنوات، قالت الأخبار إنه الوحيد للوالدين اللذين كانا يبتهلان إلى الله ويتابعان الأطباء في محاولة لإنجاب أخ له، نام الطفل داخل الحافلة المدرسية صباح الثلاثاء آخر يوم بالسنة الهجرية المنصرمة بالطريق للمدرسة، وبعد نزول الصغار توجّه السائق بها للمواقف والطفل داخلها تحت أشعة الشمس حتى الظهر، توفي الصغير والتحقيقات أخذت مجراها.
هذه الواقعة تُلفت الانتباه مجدداً إلى حدود المسؤولية ابتداء من منزل الأسرة مروراً بالسائق والمشرف الطلابي ومسجل الحضور والغياب، إلى آخر من تطالهم المسؤولية بمثل هذه الحالات، كما تدفعنا الحادثة المؤلمة إلى التأمل بآلية تشغيل السائقين لحافلات نقل الصغار، وهل يتم تأهيلهم لهذه المهنة؟ حتى نقل الخراف والأرانب له طرقه ووسائله التي يتدرب عليها الناقل.. فكيف تكون الحال مع أطفالنا رجال المستقبل، كيف نسلمهم لسائق لا يقدر المسؤولية، ثم بودي أن أسأل لماذا نام الطفل بعد خروجه من المنزل إلى الظهر نوماً عميقاً؟.. يجب أن تكون الأسباب واضحة للأسرة ويتم تزويد المدرسة بها للعناية بالطفل، أو إبقائه بالمنزل غائباً، والمصيبة إن كان الخلل داخل الأسرة، هل تذكرون قصة السائق الإفريقي الذي كان يقود حافلة طالبات العام الدراسي الماضي وارتكب مخالفات خطرة نتيجة تعاطيه للخمور أثناء الدوام الرسمي، كيف نثق بمثل هذا (المتخلف عقلاً ونظاماً) ونسلمه أرواح البنات وأعراضهن؟! ويقال إن كثيراً من سائقي حافلات الطلاب والطالبات يلاحظ عليهم عدم التوازن بالقيادة والتصرفات نتيجة للسهر حتى الصباح، وتُعاد المشاهد والروايات باستمرار وآخر ما شاهدته منذ أيام قلائل مقطع فيديو متداول لقائد حافلة صغيرة لنقل الطالبات (باص) بالجوف أثناء تجاوزه السرعة القانونية بشكل ملفت، إلى أن قبض عليه المرور.
أوضاع السائقين وسوء تأهيلهم يؤكد بلا شك أن الكثير منهم تعلم القيادة هنا بعد وصوله نظاماً أو مخالفاً، وهذا يعني أن منهم من قدم لمهنة أخرى ومنهم من زوّر أوراقاً للإقامة وللعمل بأي شيء، فهو محدود الإمكانيات وبالتالي عديم الشعور بالمسؤولية؛ فمن زوّر الأوراق الرسمية لا يُنْتَظر منه أن يكون أميناً على أرواح الأطفال وأعراض البنات.
الأنظمة المدرسية لا زالت بحاجة للمراجعة الدورية ومواكبة المتغيرات وتطورات واقع حياة الناس ومعاشهم، ليس المبنى المدرسي وحده الذي يُعاني من الإهمال، بل حتى إن المُعلّم قد يكون له موقف ورأي في الأوضاع المدرسية المُعَاشة فنستمع له قبل أن نلومه، نوفر له متطلبات العملية التعليمية ثم نحاسبه على التقصير، وهذا ما يُفترض أنه كائن للإدارة المدرسية بكل أعضائها وهيئتها التربوية، فإن كان الأمر قد تحقق لهم سلفاً ولو بالنسبة الأكبر منه، عندها سأقول إنه بَقِي أن تُكَثّف جهة الاختصاص بوزارة التعليم الدورات والحلقات التدريبية التثقيفية داخلياً وخارجياً للمعلمين ممن تشعر أنهم مُقْبِلين على المهنة ويرغبون بمزيد من التطوير، أما المتقاعس فلا يجب أن يُمْنح الفرصة ليتّخذ من إهماله وتكاسله وسيلة للترشح للدورات التطويرية، العناية بالطلاب نجاح المستقبل.