سمر المقرن
قصة جميلة من قصص الوطن سيذكرها التاريخ طويلاً، ستتداولها الأجيال بتندر وسعادة، وهي قصة غير مستغربة على أهالي مدينة جدة الكرام، وطنيتهم وانتماؤهم جعلا من الحياة في جدة مطلباً وأمنية لكثير من مواطنين سعوديين نظراً لبحرها وأناسها الطيبين، مدينة جدة هي واجهة المدن السعودية والمدينة التي تحتوي الجميع بمختلف مشاربهم، تحرك 2000 شاب من أبنائها وقاموا بتوكيل 30 محامياً ليقوموا باسترداد حدائق مدينة جدة التي تم أخذها من قبل مواطنين دون وجه حق، هؤلاء المحامون يضربون أروع المثل في تكاتفهم وحبهم لمدينتهم التي سلبت حدائقها وثوبها الأخضر حتى أصبحت شاحبة، وإلى هذه اللحظة استطاع هؤلاء الشجعان استعادة أكثر من 50 حديقة من لصوص العقارات والأراضي، في خطوة ترسم ملامح العدل والانصاف والمساواة، مما منح المحامين الشجعان القوة والثقة بأن يعلنوا أنهم ماضون دون تراجع حتى تتم استعادة 500 حديقة، وهو مجموع الحدائق التي سلبها بعض العقاريين دون وجه حق.
إن تجربة الثلاثين محامياً تستحق الاشادة بها وتعميمها على جميع مدن المملكة حتى تتخلص من زحامها وعدم وجود أماكن للتنزه أو حتى ممارسة الرياضة من أجل سبب صحي أو لياقي.
إن عودة الحدائق المسروقة لمدنها وسكان مدنها يعتبر خطوة جبارة وانتصاراً كبيراً للنزاهة والوطنية، وهو أمر يبشر بالخير، يبشر بجيل جديد يعتبر الوطن أمانة في عنقه ويقدم مصالح الوطن على مصالحه الشخصية وهذه قمة الانتماء والمسؤولية الاجتماعية.
الذي يعرف جدة ويحب السفر لها يتحسر ويحزن لعدم وجود حدائق ومساحات مجانية للأطفال والعوائل، وهذا من شأنه التخفيف من زحمة الشوارع والأسواق، حيث يعتبر متنفساً مهماً لاحتواء الملايين من سكان جدة يومياً دون كلل أو ملل، كما أن استعادة 500 حديقة عامة سيفتح باباً تجارياً كبيراً للكثير من أبناء جدة الذين لا يجدون عملاً وتم اعتبارهم ضمن طابور العاطلين.
تصحيح الوضع العقاري خطوة جبارة تحتاج إلى وقفة من الجميع كون بعض العقاريين يمتلك نفوذاً يصعب على بعضنا مواجهته أو انتزاع الحق منه، هذه الخطوة الشجاعة مع سن قوانين عقارية جديدة تنتصر للوطن والمواطن ستكون خطوة رائدة لتصحيح العلل والثغرات التي يستغلها بعض المراوغين من تجار العقار، ليسلبوا الأخضر واليابس ويضيقوا على الناس في لقمة عيشهم.
هي خطوة جبارة من ثلاثين شجاعاً سيسجلها التاريخ بمداد من ذهب كمثال رائع على الانتماء والوطنية.
إن استعادة الأراضي التي هي في الأساس حدائق عامة حدث معه استعادة هيبة مهنة المحاماة وبعدها الإنساني والوطني، والذي كان مفقوداً قبل هذه الخطوة الإنسانية الفريدة.
هذا نموذج من الشباب السعودي المخلص لوطنه ومجتمعه والمتفاني في خدمته دون مقابل أو مساومة.
ثلاثون محامياً يستحقون أن تحفر أسماؤهم على نصب تذكاري في فناء إحدى الحدائق التي استعادوها، وهو أقل ما يقدمه المجتمع السعودي لأبناء له قدموا مصالحه على مصالحهم.