سمر المقرن
رغم كل ما نعانيه من مصادمات مع منظمات حقوق الإنسان التي لا تريد -هداها الله- أن تتفهم خصوصية مجتمعنا واختلافنا عن جميع دول وسكان الكرة الأرضية جمعاء، حتى عن أقرب دولة خليجية مجاورة، بيننا وبينهم اختلاف كبير كمثل الذي بين الأرض والمريخ، كما أنه من الجهة الأخرى لا يريد -بعض- أفراد مجتمعنا وبعض الجهات المحسوبة على اسم السعودية أن يتفهموا أو يستوعبوا أن هناك منظمات حقوق إنسان في جميع دول العالم وتتحكم في الكثير من القرارات الدولية وتضر بالكثير من المصالح، لا يريد السعوديون من -بعض- الأفراد والجهات تحسين صورة بلادهم في أعين البشرية جمعاء، بل يتعمدون تشويهها أكثر وفعل كل ما هو من شأنه أن يؤجج غضب العالم ضدنا بشكل شبه متعمّد، وهذا بسبب غياب المسؤولية الاجتماعية والإحساس بضمير تجاه الآخر، هؤلاء المشوهون هم أنفسهم الذين يرون الدولة طرفاً لا علاقة لهم به، بل يحللون سرقتها وتشويه مرافقها العامة والعبث في مصيرها، هؤلاء المشوهون هم الذين بسببهم لم نحصل على بنية تحتية نستحقها كبلد لا ينقصه شيء، ويستطيع أن ينافس أقوى دول العالم في بنيته التحتية وفي مصانعه وفي جامعاته، وفي كل شيء يضمن لنا أن نصبح بلدًا عميقًا يشار إليه بأصابع الهيبة والاحترام.
إن عدم احترام الآخر وعدم الإحساس بالمسؤولية تجاهه وغياب الرقيب وضعف المحاسبة جعل الوطن والوطنية والفخر بها في ذيل قائمة واهتمام بعض المواطنين السعوديين، ضعف الوطنية أدى بدوره إلى القيام بأفعال تسيء وتشوه سمعة السعودية في الخارج دون اهتمام، وقد يكون عمدًا مع سبق الإصرار والترصد.
إن قيام جهات مثل الشرطة أو المرور أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقبض على المخالفين بطرق تتعارض مع حقوق الإنسان أو ما هو متعارف عليه إنسانياً سيكون عاملاً مساعداً في زيادة تشويه سمعة بلادنا، ونحن غير «ناقصين» تشويهًا إضافيًا، وعلى من يهمه صورتنا كسعوديين وصورة بلادنا عالميًا عليه تدريب هؤلاء وفرض عقوبات صارمة على من يهين مواطنًا أو وافدًا يُقبض عليه مهما كان جرمه، لأنه في نهاية الأمر إنسان له حقوق وكرامة.
إن التشفي بفعل بعض التصرفات عند القبض على «آدمي» تدل على ضحالة دينية وأخلاقية ضررها أكثر من نفعها.
شاهدت مقطعاً يُخرج فيه أحد موظفي هيئة الأمر بالمعروف شابًا من السوق بطريقة مهينة جدًا عبر مسكه مع رقبته، ودفعه إلى الخارج كتشفٍّ ونكايةٍ في سيل الفتيات المعجبات اللاتي حضرن لمشاهدة هذا الشاب، الذي يعتبر أحد مشاهير الاعلام الجديد، لا يهمني ماذا فعل الشاب، ولا ماذا فعلت الفتيات، بل يهمني صورة سلبية عن بلادي ستجوب الكرة الأرضية، وستذهب كل إيجابياتها التي يتشدق بها المتشددون ويبقى أثرها السيئ مدى الدهر ضد وطن بأكمله، علينا أن نعيد ترتيب أوراقنا، العالم أصبح قرية جديدة، ولم يعد مقبولاً أن يسمح لنا بمسك رقاب خلق الله وطردهم من الأسواق لمجرد أنهم مشاهير ويتجمهر حولهم معجبون.
إن صورة وطننا وسمعته أمانة في رقابنا، فلنؤدي ما في رقابنا تجاه وطننا، ولنترك رقاب الخلق للخالق!.