فهد بن جليد
عندما ركبت مع صديقي الكندي في سيارته، صُدمت أنه يستمع إلى (شيلاتنا الشعبية)، الرجل استبدل أغاني الـ (نيو)، وصيحات الراب، وصراخ (الهوب هوب)، بصوت (مهنا ورفاقه)، بل إنه أرسل مجموعة من هذه الشيلات إلى عدد من أصدقائه في كندا، وأمريكا، لأنها أعجبتهم عندما استمعوا لها في مقاطع (السناب شات) اليومية، الخاصة به!.
لا اعتراض، فقد اكتشفنا مؤخراً كمية الشاعرية التي يتمتع بها (مُجتمعنا) حتى بات أغلب السعوديين (شعراء) أو مُتذوقين للشعر، بل إنك لن تُفاجأ بأن رواد شارع التحلية بالرياض، الذي يعد أشهر شارع في الخليج العربي، يتم فيه استعراض أندر السيارات في العالم، وأغلاها ثمناً، تستمع في جنباته لشيلات (مزايين الإبل)، وربما رأيت من يتراقص في سيارة فارهة، على تلك الأنغام..!.
في أوروبا هذا الصيف كانت الشيلات تصدح في (الهايد بارك)، و(الشانزليزيه)، ويطرب لها أهالي (زيلامسي)، بسبب كثرة الخليجيين، وتولعهم (بالشيلات)، وإن كان الخواجات لا يفهمون محتواها بالضرورة، وتقرأ في عيونهم الاستغراب!! هل الرقص المُصاحب لهذا الصراخ هو (رياضة)؟ أم (طقوس دينية)؟ بسبب قفزات (القَزوعي) بفتح القاف وسكون الزاي، كونها رقصة حربية تعتمد على صوت الحناجر والأقدام، أم هي حُمى الـ (فلاش موب)..؟!.
ولمن لا يعرف هذه الحُمى الأخيرة، هي استعراض راقص مُفاجئ في مكان عام، تقوم به فرقة فنية تتجمع لهذا الغرض، ثم تتفرق بسرعة، على أن تجتمع في موعد آخر، وفي مكان آخر، لتقدم لوحة فنية جديدة، وهو ما يُناسب فكرة (الشيلات)..!.
هذه الثقافة باتت قريبة منا في معظم مولات وأسواق الخليج، في دبي، وأبو ظبي، والكويت، وغيرها من الدول العربية بهدف نشر ثقافة معينة، كإسعاف قلب المريض تارة، أو طرق التقديم على الوظيفة تارة أخرى، بل إن أشهر (فلاش موب خليجي) كان لطلاب مدارس أبو ظبي عندما صرخوا بصوت واحد (مهما كان الامتحان، تعلم وأنت فرحان)!.
مع هذا الانتشار الواسع (للشيلات الشعبية)، هل تتوقعون أنها ستقود قريباً (فلاش موب سعودي) لأغراض إنسانية ووطنية، بدلاً من عزف الأوركسترا لسمفونية (بيتهوفن)؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.