د. محمد عبدالله العوين
يتشرف نخبة من الكتاب والصحفيين من مناطق المملكة كافة اليوم بلقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - للاستماع إلى توجيهاته ورؤاه الحكيمة في مختلف القضايا والشؤون المحلية والعربية والعالمية.
ويأتي هذا اللقاء الكريم امتدادا لما دأب عليه الملك سلمان منذ توليه قيادة البلاد من استقبال لنخب في تخصصات مختلفة؛ من علماء وقضاة وحقوقيين ورجال أمن ورجال أعمال وأكاديميين وتربويين وغيرهم.
ولم يغب الكتاب ولا الصحفيون عن باله - حفظه الله - فحرص على الالتقاء بهم في ظرف سياسي عربي غير عادي، وفي خضم حالة مرة من الفوضى والاضطراب تعصف بعدد من الأقطار العربية وتهدد بنشرها وتوسيع دائرة نطاقها في كل شبر من الخارطة العربية بتقويض الأمن وزرع بذور الفتنة والاحتراب والخراب والتطرف والإرهاب.
لقد سلمت المملكة - ولله الحمد - على مدى تاريخها الحديث الذي يتجاوز خمسة وثمانين عاما من أن تمتد إليها شرارات الألاعيب السياسية وهيجان مراهقيها وجنون ثورييها، فنعمت بالأمن والاستقرار وحققت قفزات هائلة في البناء والتنمية؛ وذلك بفضل الله تعالى أولا ثم بما اتسمت به سياسة قادتها من حكمة وبعد نظر وخبرة قيادية ومهارة في إدارة دفة الصراعات؛ للخروج منها بأكبر المكاسب وأقل الخسائر.
لقد مرت المنطقة العربية خلال العقود الستة الماضية بحالات انفجار سياسي مدوية كان يمكن أن تؤذي شراراتها بلادنا وتدخلها في صراعات عبثية مع فورات سياسية وفكرية أرغت وأزبدت في عدد من أقطار الوطن العربية في الخمسينيات والستينيات؛ كما حدث في المد الشيوعي والقومي الناصري والبعثي والخميني، ثم ما اكتسح المنطقة العربية من فورة مد أصولي تكفيري إرهابي، وما فجع به العالم العربي قبل خمس سنوات من حريق هو أشبه منه إلى ما سمي بالربيع، ولولا أن دعائم بناء دولتنا - حماها الله - راسخة البنيان عميقة الجذور وإلا كانت عواصف الخريف القاتلة قد أدخلتها في ما اكتسح المنطقة من فوضى لم تفجر إلا أنهار الدم ولم تخلق إلا اليتم والفقر والتشرد والخراب.
وفي ظل أوضاع ساحقة ماحقة كهذه، وبلادنا على حافة اللهب من الشمال السوري ومن الجنوب اليمني، وليست بعيدة عن خزان متفجر بالطائفية والشعوبية الفارسية من الشرق العراقي والإيراني يسعد الكتاب والصحفيون بأن يستمعوا إلى صديقهم - كما وصف نفسه دائما - سلمان بن عبد العزيز ربان الكلمة والقارئ المتابع الناقد الذي تربى في أحضان المعرفة والثقافة والاطلاع والرأي وعشق الكتاب والصحف؛ بحيث أصبحت المتابعة الدقيقة للكلمة المكتوبة أو المسموعة أو المرئية هما وعادة وواجبا محبوبا بدأ معه منذ بواكير العمر الأولى وتنامى واستمر طوال أكثر من ثمانية عقود مد الله في عمره وبارك فيه.
ولو أردت تدوين قصة متابعة سلمان بن عبد العزيز لكل شاردة وواردة مما يكتب أو يذاع في الداخل والخارج لاحتجت إلى أن أكتب كتابا محتشدا بالوقائع والقصص المثيرة المدهشة، وما تكشف عنه من قدرة فائقة على المتابعة ولياقة ذهنية تمكن من قراءة عشرات المقالات في الصحف العربية والسعودية، واتصال بكتابها إن تبينت له رؤية مختلفة أو معلومة مكملة أو استفسار عن حادثة أو تأريخ أو اسم، وقد يعمد إلى كتابة تعليق ينشر في الصحيفة نفسها.
وفي هذا الشأن أتمنى أن يكتب كل من اتصل به سلمان بن عبد العزيز مستفسرا أو مضيفا معلومة أو مصححا خطأ أو ناقدا موقفا مقالة ترصد للتاريخ سلوكا قياديا وثقافيا يندر أن نجد له مثيلا في عالمنا المعاصر من قائد يضيق من في موقعه الوظيفي الهام ومسئولياته الكبيرة والتزاماته الاجتماعية عن أن يفرغ للاهتمام الجاد بقراءة ما يكتب من مقالات في معظم الصحف وما يصدر من كتب وما يبث من برامج.
إن لقاء أصحاب الكلمة بالملك سلمان بن عبد العزيز أحد رواد المعرفة الكبار ممن وهبهم الله ذكاء حادا وذاكرة نادرة وخبرة معتقة واطلاعا واسعا لهي جلسة بهية ثرية غنية في حضرة العلم والمعرفة تختصر دروسا طويلة عميقة في كل ما يمكن أن يقال ويكتب من تنظير في أزمات عالمنا الفكرية والسياسية.