صيغة الشمري
قرأت معلومة عن مسؤول سويسري، أظنه رئيس الوزراء أو الرئيس (ذاته)، أنه يستخدم القطار في تنقلاته. مؤكد أنه يتبادر إلى أذهانكم أن له غرفة خاصة مجهزة بكل وسائل التواصل والراحة خلف سائق القطار مباشرة، وخلفه غرفة إضافية مجهزة كغرفة نوم، تم جلب أثاثها من جميع دول العالم عبر أقوى شركات الأثاث في العالم،
وغرفة ثالثة خلف غرفة نومه لمرافقيه الخاصين وسكرتارية الرئاسة، وغرفة رابعة لمن يقومون على حراسته. وغرفة خامسة كمطبخ رئاسي خاص حرصاً على سلامته، وغرفة سادسة لضيوف رئيس الوزراء، وغرفة سابعة وثامنة حتى لا يكاد يبقى للركاب العاديين سوى غرفة أو غرفتين، يتكدسون فيها متحملين وعثاء السفر في سبيل راحة المسؤول.. بل قد يتبادر إلى أذهانكم ما هو أكبر من ذلك لتتوقعوا أن هذا المسؤول الغربي لِمَ لا يتم توفير قطار خاص لتنقلاته وسكة حديدية مستقلة؛ فهو مسؤول يستحق؛ لأنه ضمن فريق مسؤولين، لا يوجد فقير واحد في بلادهم، ضمن وزراء جعلوا جميع أفراد الشعب السويسري فوق خط الفقر، ومن حق الشعب أن يحمله فوق أعناقه، ويتنازل له من أجل منحه جميع وسائل الراحة والرفاهية.. يتبادر إلى ذهننا هذه الأفكار كوننا عرباً، ونحمل في جيناتنا الفكر العربي غير القادر على إلحاق نفسه بشعوب العالم الأول، مع أنه يملك جميع الأدوات المادية لذلك ما عدا الفكر، العنصر والشرط الأهم لتطوير المجتمع ونقله نحو الحضارة، وسلامته من الكوارث الإرهابية وغيرها.
هذا المسؤول السويسري لم يكن يستخدم غرفاً خاصة في القطار، بل كان يركب كراكب عادي في الدرجة الثانية، وليست الأولى، وهي درجة أقل بكثير من الدرجة الأولى في القطار، وتفتقر لبعض الخدمات الموجودة في الدرجة الأولى. عندما طُرح سؤال على هذا المسؤول السويسري: لماذا تستخدم الدرجة الثانية من القطار؟ أجاب: لأنه لا توجد درجة ثالثة!
من هذا المنطلق، وهذا الوعي، أقترح إرسال الوزير قبل تعيينه بسنة كاملة للعمل سنة امتياز وزيراً مع وزراء دول متقدمة جداً في مجال النزاهة، مثل سويسرا وفنلندا والسويد، وغيرها.
إن اختيار وزراء سعوديين شباب ونشيطين للتعليم والصحة والإسكان وغيرها يسمح بإرسالهم للعمل الميداني والتطبيق مع نظرائهم وزراء تلك الدول المتقدمة جداً في جميع المجالات. إن اعترافنا بتخلفنا عن دول العالم الأول يمنحنا فرصة بناء دولة قوية، تتقدم نحو الرخاء سنة تلو الأخرى.
فكرة شبه مستحيلة التطبيق، لكن بلادنا تستحق التنازل عن كبريائنا المزيف!